منتديات علاء الصائغ

مرحبا بك عزيز الزائر في منتدايات الشاعر علاء الصائغ يسعدنا ويشرفنا أن تنظم الينا لذلك قم بالتسجيل .

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات علاء الصائغ

مرحبا بك عزيز الزائر في منتدايات الشاعر علاء الصائغ يسعدنا ويشرفنا أن تنظم الينا لذلك قم بالتسجيل .

منتديات علاء الصائغ

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات علاء الصائغ

منتديات الشاعر علاء الصائغ


    الإسلام على جرفٍ هارٍ كتاب من تأليف المحامي علاء الصائغ ص 169 إلى 179

    المحامي علاء الصائغ
    المحامي علاء الصائغ
    المدير العام
    المدير العام


    الإسلام على جرفٍ هارٍ كتاب من تأليف المحامي علاء الصائغ ص 169 إلى 179 Empty الإسلام على جرفٍ هارٍ كتاب من تأليف المحامي علاء الصائغ ص 169 إلى 179

    مُساهمة من طرف المحامي علاء الصائغ الجمعة فبراير 14, 2020 6:01 pm

    الفرع الثالث
    شبهة علم الغيب ونبأ الغيب

    حين قال تعالى لملائكته إني جاعل في الأرض خليفة { قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } تحدث سبحانه عن علم الغيب ،
    وحين علّمَ آدم من علم الغيب { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا } ، الذي لا تعلمه الملائكة { قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِم } ترى تحوّل العلم إلى نبأ ، فنبأ الغيب هو وليد علم الغيب ، وكل ما وقع من بداية عيشنا في الأرض لهذه اللحظة أصبح نبأ ، وطالع قوله تعالى
    { ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } مريم/ 44
    {وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} آل عمران/ 49
    { الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ }الروم
    هذه الآيات مثالا واضحا ، لأنباء الغيب ، يخبر الله بها النبي عن قضايا سابقةٍ لزمانه ، بعد أن كانت من علم الغيب قبل حدوثها ، وهي تخص الصّدّيقة مريم (ع) ، و بعدها ما يخص قيام عيسى المسيح عليه السلام ، بان ينبأ قومه بما يدخرون في بيوتهم ،
    والأخيرة تخص (النبأ المستقبلي للروم) و لكن ،
    ترى جليا إن عيسى كلّم قومه بـ( أني أخلق وأحيي وأبرئ بإذن الله) ، وحين قال أنباؤكم بما تأكلون وما تدخرون ، لم يذكر أنه بإذن الله ، فلماذا .....
    حاشا لله ، هذا لا يعني إن عيسى كان يتنبأ بدون إذن الله ، لا أبداً ، بل لأن التنبؤ هو آية سابقة من الله حصلت من أول نبوّة ، وهي لآدم إذ علّمه الله بما لم يكن في علم الملائكة ، وقال له أنبئهم ، فكانت نبوة آدم ، هي علمه بأسماء هؤلاء ، ونبوته أثبتها للملائكة حينما أنبأهم بأسماء هؤلاء ، وقد ابتدأت النبوة على أساس أسماء هؤلاء ، حين علمت الملائكة بهم ، وانتهت حينما أعلن الرسول الكريم أرواحنا له الفداء عن أسماء هؤلاء ،
    فهؤلاء هم سبب بداية النبوة وانتهائها ، وربما كان هؤلاء هم الأنبياء كلهم أو بعضهم ، هذا ما سوف نناقشه في كتابنا القادم – ( ما نراه في خليفة الله )
    وأعني هنا إن قيام الله عز وجل بتعليم آدم ، هو علم الغيب ، أما قيام آدم بذكر هذه الأسماء للملائكة فهو نبأ الغيب ، وقد أباحَه الله منذ القِدَم لآدم وذريته ، لذا فالآية الأخيرة يمكن ببساطة أن نتنبأ من خلالها بكل أحداث حروب الروم بالاستنباط ، بأنهم كلما غلبوا سيغلبون وهكذا ،
    وخلاصة الكلام إن علم الغيب : هو العلم الذي يغيب عنه إدراك الخلق كله في الوجود كله ، وهو أمّا أن يكون مكنون أو غير مكنون ، فالمكنون هو ما لا نستطيع الوصول له والتوصل إليه مطلقاً ، أما غير المكنون ، فكلّه لا يعدون أن يكون غيب زماني أو مكاني ، نستطيع التوصل له بسلطان العلم ، أي أن العلم المكنون هو ما يخرج عن الكون ولا يعني ما حصل أو سيحصل في الأرض فقط ، لأن الكثير مما سيحصل ، يمكننا استنباطه ، كشروق الشمس غداً ، والطقس والمناخ العام ، فهي وإن كانت من علوم الغيب غير المكنون، لكنها تخرج عن المكنون ، بأنها إن أدركت تحوّلت من علم إلى نبأ ،
    فنحن الآن بعلومنا نستطيع التوصل لما كان ، وما سيكون كلا أو جزءً ، فتلك الأنباء هي غيب زماني أو مكاني ،وستتحول إلى نبأ بمجرد خروجه لعلم الآخرين ، ونحن الآن نستطيع كشف العالم بأسره ونحن في بيوتنا ، ونعلم كل خبر وحدثٍ ، بل حتى من يمشي في الشارع إذا كان في الصين أو في سيبيريا ، ويكفيك أن تعرف إن العلماء في طور اختراع جهاز يستطيع أن يُسمعنا ما جرى عبر آلاف السنين ،
    مرادنا هنا إن كل ما في الأرض من مقومات ومكونات نستطيع التوصل لها ، والإدراك بها من روح ونفس وعلم ونور ومن ماءٍ وترابٍ ونارٍ وهواء ،
    تمعن هذه الآية المسكينة
    {وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} فاطر /11
    أتعرف لماذا أسميها بالمسكينة .. السبب إن بعض المفسرين ركضوا بها كل يوم إلى جهة ،
    مرة قالوا لا أحد يعرف متى تحمل المرأة ومتى تضع ، فلمّا عرف العلماء ذلك ، قالوا لا احد يعرف جنس الجنين ، وبعد ان اكتشف العلماء جنس الجنين ، قالوا لا أحد يعلم شكله ولونه وبعد أيام قليلة ، سيكتشف العلماء اللون والشكل فيقولون ، لا أحد يعرف أخلاق الجنين ، وقبل أن يقولون ذلك ، فإن العلماء بالفعل عرفوا أخلاق الجنين بكل بساطة عبر الجينات الوراثية وعلم ما وراء الجينات ،
    كل ذلك لأنهم خلطوا بين التقرير و التقدير ، فكان قصد الله واضحا ، أنْ بعلمي أقدّر ما تضع الأنثى ، وما هو خير لها ، حتى لو عمدتْ هي إلى تقرير جنسه ، والقضية تشابه من يعاند ويقول ، أستطيع أن أقرر متى أموت فيذهب منتحرا لإثبات ذلك ، لكن الله تعالى قدّر له هذه الميتة قبل أن يقرر ، وقَدَرَهُ كان أن يجنّ ويقتل نفسه ،
    وبعد كل ما تقدم فما يكون مفهوم وماهية الروح ، الجواب :
    هو كما أجاب الله تعالى بالضبط ، أي هي أمر من أوامر الله (جل جلاله) ، يدخل الميت فيحيى ، ويدخل الجامد فيتحرك ، وهذا كل شيء لا أكثر ولا أقل ، أي أن جواب الله عز وجل ، كان صريحا جدا بالآية وهو – الروح من أمر ربي
    - أي ما الروح إلا أمر شفوي يصدره الله فيأمر به الجامد ليتحرك .
    { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } يس / 82
    لكن هذا الأمر لا ينقطع ولا يتلاشى إلا بأمر آخر من الله ، فحينما قال الله لآدم كن فكان حياً ، و فيه الروح ، فإن ذلك الأمر وذلك القول من الله ، لم ولن يتلاشى ولم ولن ينتهي بخلق آدم ، فهذا الأمر ذاته تحول إلى ملائكة تُتمّمه وتصبّ فيه الإرادة الإلهية ، من تصوير الشكل والبنية وما إلى ذلك ، فالملائكة عبارة عن أوامر صدرت من الله ، واحتفظت بخلودِها ، وهذا الملاك أسماه الله في الكتب السماوية بجبريل ، كما أسماه الله روحنا ، أي الأمر الذي أصدره بإحياء الجامد ،
    { فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا } مريم /17 ،
    وهذا البشر الذي تمثّل لمريم ، هو نفسه الأمر الذي أصدره الله منذ أول مخلوق خلقه الله ،
    تمعن الآن هذه الآية من سورة عمران التي تحدثنا عنها فيما سبق ،
    {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ}
    وتمعن في الآية من سورة ص
    { إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين (71) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين }
    الآية من سورة عمران تذكر لنا كيف خُلق عيسى كما خلق آدم والآية الثانية من (سورة ص) تخبرنا كيف خلق آدم
    خلق آدم من تراب ، ولكن مادة خلقه احتاجت بعد ذلك إلى الماء ، أمّا عيسى فلم يحتاج لذلك كما أوضحنا ، وبعد ، فكلاهما قال له كن فيكون كما بينت الآية من سورة آل عمران ، ولكنك ترى في الآية من (سورة ص) إنه تعالى لم يبين إنه قال لآدم كن فكان ، بل قال نفخت فيه من روحي ، وهذا بالضبط معنى يقل للشيء كن فيكون ، أي إن قوله للشيء كن فيكون هو نفسه نفخت فيه من روحي والعكس صحيح ،
    فآدم مخلوق من تراب ولكنه أصبح طينا لأجل أن يكون له ذرية ويكون بذلك أول الذريات ، أما عيسى فبقي ترابا ولم يسوى بالذرية ، وقد كذب من قال إن لِعيسى ابن أو زوجة أو حتى شهوة جنسية ، لأنه عليه السلام من غير ذرية ٍ ،
    فما معنى نفخت فيه – أجمع المفسرين على إن النفخ هو الهواء الصادر من الفم قياسا لما يفعله الإنسان ، متناسين إن أفعال الله لا تشابه أفعال عباده مطلقا ،
    ومعنى النفخ هنا تعظيم الشيء ، فالنفخ هو التعظيم ، وليس الهواء الذي يخرج من الإنسان ، وتعظيم الشيء يعني وصوله إلى تمام الخلق ، فالأمر الأول كان خلق التراب نفسه فلمّا تبعه أمر آخر بأن يحيى وصل التراب إلى عظيم تمام خلقه ، وإلى مرتبة لن تليها مرتبة أخرى ،
    - فتكون (ونفخت فيه من روحي) ، أي عظّمته بالروح وحسن الخَلق ، أي امتلأ ووصل إلى حده وتكامله ، الذي يتمكن من خلاله العيش والتفاعل ،
    فلو صح أن النفخ حاشا لله هو هواء خارج لاحتاجت الروح إلى سحبها بالشهيق لتخرج ولكان كل منّا احتاج إلى نفخةٍ ليحيى ، وشهقة ليموت ، فمتى تخرج الروح ؟ ...
    الجواب – حين يكون الجسد غير قادرٍ على حملها ، والاستمرار بالحياة لتعطّل مكوناته ، لا لتعطل مقوماته ، فالروح فيه والنفس فيه والعلم فيه ، ولكن مكوناته هي من تعطلتْ .
    = كان من كلامنا ، إن الوجود له مقومات ومكونات ، وعادة فإننا نحن البشر ، نصنع المكونات قبل المقومات ، فمثلا حين قمنا بصناعة أول سيارة ، لم نفكر أولا بالسائق المحترف ، قبل أن نوجد السيارة ، والسبب في ذلك هو أننا لا نعلم بعد ما تحتاجه السيارة ، وما ستتولد من حاجة لقيادتها بشكل سليم ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، وكثيراً ما نحتاج أن نأتي بمكونٍ جديد ، لتقويم مكونٍ آخر ، فالطرُق المعبدة مثلا من المكونات ، لكنها ليست من مكونات السيارة بل تعتبر من مقوماتها ،
    - وبالطبع ، هذه القواعد لا تنطبق على الخالق البتة ، فقد أوجد سبحانه المقومات ، قبل المكونات لأن المكونات ، لو خلقت قبل المقومات ستجبر المكونات تلك المقومات على كيفيتها ،
    = بعبارةٍ أخرى وبما إن المقومات هي الأساس في الحفاظ على الوجود ، وبما إنها الغاية ، إذا ما جعلنا المكونات هي الوسيلة ، فيجب على المكونات أن لا تفسد المقومات ، فحين صنعنا السيارة أفسد هذا المكون الكثير من مقومات الحياة كالبيئة الصحية وسلامة البشر .
    لذا فإن المقومات خلقن قبل كل الموجودات ، أي المكونات بزمن بعيد
    ، فكنّ قبل الوجود وهن هكذا بعد فناء كل الوجود ، ولنأخذ مثالا
    كنا قد أشرنا على إن الروح هي مجرد أمر من الخالق يأمر به الجامد الميت ليتحول إلى حي ، فكيف خلقت الروح قبل المكونات إذا كانت الروح لا يمكن الإحساس بوجودها إلا مع المُكوّن ؟
    الجواب : هو إن الروح قدرة الخالق ، وهذه القدرة ظهرت لنا بخلق الوجود ولم تتكون بفعل الوجود ، فما هو الدليل على إن الله يعلم بقدرته على إحياء الجامد قبل أن يخلق الجامد ، أي كيف لنا أن نعرف إن الله عز وجل لمّا خلق التراب كانت له قدرة إحياء هذا التراب من قبل أن يأمره وينفخ فيه الروح
    الجواب هو ( علم الكتاب ) وإليك الدليل
    { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } الحديد/22
    فكل ما يدور بنا وما دار وما سيدور ، من مصائبٍ كالموت والمرض والقحط ، دوّنت قبل أن نُخلق ، كما إن كل ما أصاب ويصيب الأرض ، مما نسميه بالكَوارث كالزلازل و البراكين قد دونت كذلك ، في كتابٍ قبل خلق السماوات والأرض ، أي بعلمٍ سابق لكل المكونات وقد كتبتْ بكتاب ، فما هذا الكتاب ....
    وردت كلمة كتاب في القرآن مرات عدة ، منها مثلاً ، { ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } البقرة/2
    { إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا } النساء/ 103 { قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } النمل
    { وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } الكهف/49
    ورغم إن الكتاب اختلف في الآيات أعلاه ففي الأولى ذكر الفقهاء إنه القرآن ، وفي الثانية هو الفرض ، والثالث هو رسالة إنذار من نبيٍ لبشرٍ ، والرابع هو البيان لما عمله كل المجرمين من أعمال تخالف شرع الله وهو كـ(صحيفة السوابق) ، وللحقيقة فإن الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، هو القانون الجنائي العام والخاص ، وقوانين العقوبات الخاصة بأنواع الجرائم ، وليس بصحيفة السوابق التي ظنوها ، أي أن الكتاب الذي وضع هو الكتاب الوضعي ، والذي نعرفه الآن بالقوانين الوضعية ، فرض سبحانه فيه من عقوبات ومخالفات ، لم تترك جريمة ولا مخالفة إلا شملته ، مثال ذلك من صافح أنثى فعقوبته كذا ، فترى المجرم يقول حتى على هذا الذنب الصغير سوف أعاقب ،
    أما صحيفة السوابق ، أي أعمالنا ، فسبحانه قال عنها { وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } فالصحيفة والأعمال معدّة سلفاً ، استناداً للقانون الوضعي الذي جاء بآيات الكتب السماوية وأحاديث الأنبياء والرسل والأوصياء ، فنسيناها فذكرنا بها الله جملة وتفصيلاً ، وكذلك من الممكن أن نسمي صحيفة السوابق الخاصة بكل شخص بــ( الكتاب ) ، وهذا عندما يكون النص في الحديث عن المفرد ،
    كــ{يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا } النبإ/40
    وبالعودة للآيات أعلاه ، فإنها تشترك جميعا بمفهوم واحد للكتاب رغم تباين كنهه ، وهو الحكم الثابت الذي لا فصال فيه ، أي المقدّر على الأدنى فعله والمقدر عليه من العقوبة في حال عدم الامتثال له ،
    لذلك فالكِتاب الذي يكون بهذا الوصف يجب أن يكون من عالٍ إلى دانٍ ، من الله إلى نبي أو من نبي إلى رعيته ، و السبب في ذلك هو العلم والقدرة على وضعه موضع التنفيذ والحساب لمن خالف أحكامه ،
    خلاصة القول ، إن الكتاب لا يكتب إلا من بعد علم ، والعقوبة لا تنزل إلا من بعد تبليغ بما في الكتاب ، كما نخلص للقول إن العلم هو أسبق من الروح ،
    فهل تعلم ما هو علم الغيب في تفسير المفسرين ، فتعال واطلع أنه سبحانه وتعالى علّم الأسماء كلها لآدم فما هي تلك الأسماء ....
    نقل ابن كثير والقرطبي والبغوي والسعدي والطبري هذه الروايات
    [ وقال السدي ، عمن حدثه ، عن ابن عباس : (وعلم آدم الأسماء كلها) قال : عرض عليه أسماء ولده إنسانا إنسانا ، والدواب ، فقيل : هذا الحمار ، هذا الجمل ، هذا الفرس ) .
    وقال الضحاك عن ابن عباس : ( وعلم آدم الأسماء كلها ) قال : (هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس : إنسان ، ودابة ، وسماء ، وأرض ، وسهل ، وبحر ، و جَمل ، وحمار ، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها .
    وروى ابن أبي حاتم وابن جرير ، من حديث عاصم بن كليب ، عن سعيد بن معبد ، عن ابن عباس : ( وعلم آدم الأسماء كلها ) قال : علمه اسم الصحفة والقدر ، قال : نعم حتى الفسوة والفسية .
    وقال مجاهد : ( وعلم آدم الأسماء كلها ) قال : علمه اسم كل دابة ، وكل طير ، وكل شيء ،
    وكذلك روي عن سعيد بن جبير وقتادة وغيرهم من السلف : أنه علمه أسماء كل شيء ، وقال الربيع في رواية عنه : أسماء الملائكة وقال حميد الشامي : أسماء النجوم ] ..... انتهى
    لا بأس هذه الأسماء التي تعلمها آدم فتابع قوله تعالى
    { قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } البقرة /33
    الله يعلم غيب السماوات والأرض ، هذا ما برهنه الله للملائكة من أجل اسم الحمار والجمل والفسوة ، هل حقا هذا تفسير القرآن أم تحقير للقرآن حاشاه وحاشا لله من كل ذنب عظيم ، أكاد ألعن من يدخل الإسلام ، وهو يؤمن إن فيه من المفسرين من جعل برهان الله على علمه ، أسم الحمار والجمل ومتى تحصل الفسوة ، لذا نحن نملك الآن من علم الله ، الذي لا تعلمه الملائكة خاصة ، ماركات السيارات ، بدل أسم الحمار ، والطائرات بدل الطيور ،
    بل قال الربيع [ أسماء الملائكة ] ، أي حين يريد أن يُصْلِح فإنه يكذب ، لأن المعنى يكون علمُ الله بالغيب ، وما لا تعرفه الملائكة هي أسمائها ،
    أسَنذهب لله بصلاتنا وصيامنا و نحن نرى كل هذه الإهانة لكتاب الله وشخصه العظيم ولا نبالي ، علوم الله فسوة وفَسية وأسماء الطيور والحمير ، وما لي إلا أن أقول أن هؤلاء الشياطين من المفسرين و الأدعياء ومن كتب لهم ومن آمن بهم فلا جمعني الله بهم إن وردوا على جنان الله ، بل وحق جلاله لا يرون إلا قير وبئس المصير ، كنت أتمنى لو قال أحدهم أسماء الأنبياء أسماء الأوصياء أسماء العباد الصالحين ، هل كانت الملائكة بحاجة لأسماء الحمير و الطيور والفسية ، ولنأخذ الآن شرحاً توضيحيا وتفصيلياً ، لتفعيل كل ما تحدثنا عنه في المطالب السابقة بشأن النشأة الأولى بـــــــمكوناتها ومـــخلوقاتها .

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين يونيو 24, 2024 6:20 am