منتديات علاء الصائغ

مرحبا بك عزيز الزائر في منتدايات الشاعر علاء الصائغ يسعدنا ويشرفنا أن تنظم الينا لذلك قم بالتسجيل .

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات علاء الصائغ

مرحبا بك عزيز الزائر في منتدايات الشاعر علاء الصائغ يسعدنا ويشرفنا أن تنظم الينا لذلك قم بالتسجيل .

منتديات علاء الصائغ

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات علاء الصائغ

منتديات الشاعر علاء الصائغ


    الإسلام على جرفٍ هارٍ كتاب من تأليف المحامي علاء الصائغ ص 159 إلى 178

    المحامي علاء الصائغ
    المحامي علاء الصائغ
    المدير العام
    المدير العام


    الإسلام على جرفٍ هارٍ كتاب من تأليف المحامي علاء الصائغ ص 159 إلى 178 Empty الإسلام على جرفٍ هارٍ كتاب من تأليف المحامي علاء الصائغ ص 159 إلى 178

    مُساهمة من طرف المحامي علاء الصائغ الجمعة فبراير 14, 2020 6:05 pm

    الفرع الأول
    شبهة الملائكة وأجنحتها

    قضية خلق الملائكة هي أبسط بكثير من خلق الجن والإنس ، و سنضرب مثالا مبسطاً مع الفارق ، تخيل قيام ملك بإصدار أمر لبناء قصر ، ولأجل تنفيذ إرادة الملك ، ستتشكل مجاميع من المهندسين والعاملين وووو ،
    أولا ، أستغفر الله فأنا أحببت أن أقرّب الصورة فقط ، ثانياً ، نقول إن الله رب العزة و الجبروت حين يريد أمراً ، كخلق الإنسان ، فسوف تتشكل آلاف و آلاف من الملائكة ، التي تخدم أمر الله ، حتى ينتهي الأمر بمشيته ،
    وبذلك يتكون الملاك الأعلى ، وهو من يقوم ببث الروح بجسد الجنين أو بالأحرى في النطفة ، وملاك آخر يتكفل برزقه و آخر بشيء آخر ، حتى يأتي الملاك القابض ويُرجِع الروح مع النفس التي تكونت (المادة المختبرية لذلك المخلوق) ، والتي ستنتظر دورها للرجوع حيث الحساب ، لذا فالملائكة هم مخلوقات من نور الله بالكليّة ، فلا يتخللها الشيطان البتّة ، ومن يدعي إن هاروت وماروت ملكين ، فقد افترى لسببين ، أولها و أهمها ، إن الملائكة أجسام نورانية خلقت من نور الله بالكليّة ، تُخلق لتنفيذ أمر الله فقط لا غير ، فلا يتخللها الشيطان ولا تدركها الشهوات ، و إذا ما استخدمتَ أجساداً لأمرٍ ما ، فتلك الأجساد هي أجساد ترابية ، تتلاشى مع الأرض بعد انتهاء مهمتهم ، فلا يأكلون ولا يشربون ، وعلى افتراض ، أنهم ملائكة أرادت العيش في الأرض ، وهذا احتمال يعيدنا لأصل الذرية ، و النتيجة تبقى واحدة ، بأن التي أرادت العيش ، هي المخلوقات من الجن ومن البشر ، أي إن أصل الذرية جميعاً من الأنس والجن ، أصل ملائكي ، أرادوا أن ينتقلوا من الكون الملائكي إلى العيش في السديم الشيطاني للاختبار ،
    والملائكة كما أوضح لنا سبحانه ، بعيدة عن متطلبات العيش ،
    {فَرَاغَ إلى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ } /الذاريات .
    ثانياً ، عُرّفتْ الملائكة بكنية ( ئيل ) التي تعني المَلَكْ ، أو (فَـــيْل) ، التي تعني مالك أو صاحب الشيء ، أما هاروت وماروت فهما من أسماء الجن العفاريت ، وقد ذكر الله لنا إن الجن كان بإمكانهم الوصول إلى مقاعد من السماء ، قبل صدور قَراره بمنعهم من التجوال ، وما مر بنا من حديث عن الجن ، لذا فمن المؤكد إنهما من ملوك الجن ، والقصة ليست كما جاءت في كتب اليهود ،
    وعن قضية الأجنحة فهي صفوف الملائكة ، التي تنضوي لخدمة الملك الأعلى ، مثال ذلك : حين يُنزل الله المطر ، يقوم الملك الأعلى و هو ميكائيل ف ( ميكا ) تعني (المطر) و ( ئيل ) كما أوضحنا تعني (مَلَك) يقوم هذا الملك بتنفيذ هذا الأمر بواسطة صف من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله (جل جلاله) ، وأقصد كثرة العدد ولا أقصد اللا نهاية من الأعداد ، ويسمى هذا الصف بـ(الجناح) ، و الأهم من ذلك هو أنواع المهام ، مثل قولنا وزير الثقافة والفنون ، أي إن هذا الوزير له جناحين ، هما الثقافة و الفنون ، كل جناح هو عبارة عن صف من العاملين يخدمون تلك المهمة ،
    وبالفعل تلاحظ إن معظم أسماء الله ترد بالمثنى ، فحين يُنزل الله رحمته بسم الرحمن الرحيم ، يمثل تلك الرحمة ملك له جناح من الملائكة للرحمةِ على المؤمنين ، ثم جناح آخر ليرحم كل عباده المؤمنين به والناكرين له ،
    وسبحانه دخل هذا الكون بنوره لا بذاته ، فنوره هو الذي فيه كل مقومات الوجود مِنَ العلم أي (الهدى) و الروح أي (الحياة) ، وبَنَاهُ وَحَكَمَه بملائكته و عباده المخلّصين ،
    ولاحظ قوله تعالى { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } الإسراء / 24 ،
    أي أن العرب كانوا يعرفون جيداً معنى جناح الذّل ، وجناح الذل هنا ليس من الإهانة والعبودية بل من الرحمة ، إذ جعل بينكما مودة ورحمة ، تلك الرحمة التي وضعها الله فطرياً في الأبوين لِتربية الأطفال ،
    ولكن الناس قديما ، وليس العرب فقط ، ولا أهل الكتاب فقط ، لا يفهمون الطيران في السماء إلا بالأجنحة ، لذا جاءت الرسومات للملائكة والجن وحتى إبليس بالأجنحة ، قياساً لقدرةِ الطائر على الطيران ، ولأننا الآن نفهم إن الملائكة لو امتلكت المحركات الطوربيدية ، فلن تستطيع الوصول لملكوتِها ، ولا بمليَار سنة ضوئية ، فلا من داعٍ أن يضع الله للملائكة أجنحة كالطير ، لأنه لا يريد منها الطيران في السماء بل الصعود بعلم الله والهبوط بعلم الله ، حتى وإن كان لديها جناحين في نشأتها ، و من عظيم ما خلق الله تعالى الوقت ، الذي نحس به الآن ، ونقيسه بالقرُون والسنين والأشهر والأيام والساعات ، لكنّ ملائكته غير محكومة بتلك المواقيت ، فهي تصل لنبي الله نوح ، في الوقت الذي تصل فيه لنبي الله عيسى ، في الوقت الذي يبعثنا الله من قبورنا ، ومن أهم الإشارات التي بينها الله لنا حول هذا الموضوع ، هي ليلة القدر ، فعمل الملائكة في ليلة القدر يأخذ من الوقت ، أكثر بكثير من ألف شهر ، لأن فيها تقدير كل شيء للسنة القادمة ، من أرزاق للنباتات كالمطر وأرزاق للدواب ، وأرزاق للبشر ، و مدارات الرياح على الأرض ، نحتاج لكتابتها فقط ليالٍ وليال ، و هذه الليلة نسميها بالموازنة المالية السنوية ولكن لكل شيء ، فسبحانه قال (من كل أمر) ، أي أمور السماوات والأرض والخلائق كلها ، لكن ملائكة الله تقضيها في تلك الليلة حتى مطلع الفجر ، فكيف للناس في ذلك العصر أن يفهموا كل هذه المعلومات ، ويستوعبوا ان الوقت يمكن أن ينعدم ، وتقف كل المعادلات الزمنية في ليلة مثل ليلة القدر ، أو أنها تعادل ألف شهر ، هذا بالنسبة للسلام ، أما بالنسبة للعذاب فَعَكَسَ سبحانه القضية تماماً رحمة منه على خلقه ، و مزيداً من اختبار المعاندين ، ودليلنا قوله تعالى { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ۚ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } الحج / 47
    فمنذ بعثة الرسول الكريم ليومنا هذا ، مرّ عند ربنا يوم ونصف ، و استغفر الله ، فهذا اليوم ونصف اليوم ، هو لأجل أن يحسبه على الكافر ، لا أن نفهم إنه سبحانه يمر عليه الزمن ، أي لأجل البطش بالكفار ، فكل ما يفعله الكافر والمشرك ، لن يستحق به الخلود في جهنم ، لكن ما تركه من ضلال وبدع و حتى من مالٍ حرام ، واستباحة للحرمات ، ينمو وينمو كالشجرة الخبيثة ، وهي التي ستدخله جهنم ، أي آثار أعماله التي جاء بها ،
    وقد ذكرنا في مقدمة الكتاب ، عدم قدرة الناس في البعيد من الزمن وحتى في القريب ، تقبلها علوم السماوات والأرض ، وقضية العالم الإيطالي جاليليو جليلي أو بالـ(غ) ، الذي مات بمنفاه 1642م هي من الشواهد التاريخية ، على تعصب رجالات الدين واعتبار أن العلم يخالف الدين ، وبعد مناقشات طويلة عبر التاريخ صدر تصريح من البابا الرابع عشر قراراً عام 1741 م بطباعة كل كتب جاليليو ، وقدمت الكنيسة اعتذارا لجاليليو عام 1983 م .
    أما جابر بن حيان الذي يسبق غاليليو بألف سنة ، فقد قتلته الكنيسة الأموية ولم يُقدّم له أي اعتذار لحد الآن ،
    وبالعودة للملائكة فإن أقرب إيضاح لعمل الملائكة ، هي نظريات آينشتاين ، لكن عملهم يفوق النظرية ، لأن النور يفوق الضياء ، فالنور يصل في نفس وقت الانطلاق ، بغض النظر عن الزمكانية التي يحتاجها الضوء ، ولمّا كان معامل الزمن مفقودا لدى الملائكة ، أصبح دخولهم وخروجهم في مختلف الأزمنة التي تمر بنا واردا ، كمن يشاهد فلماً ما ويستطيع إرجاعه وتقديمه بضغطة زر واحدة ، وسنكمل الحديث عن ذلك في المطلب القادم ، عن علم الله سبحانه وتعالى ، وأخيراً نقول إن الملائكة ليست بمخلوقات الكون ومكوناتها ، بل هي من مقوماته ، وهي مجرد تمثيل لإرادة الله في هذا الوجود ، أي كوادر العمال الذين لا يعصون ولا يعترضون ، ولا يتظاهرون ضد صاحب العمل ،
    ونأتي للنظر في قوله تعالى ، { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ } ، يد الله هي كناية عن خمسة من الملائكة قاموا بعجن عجينة آدم ، فلله 99 ملاكاً أعلى ، نعرف منهم جبرئيل وميكائيل وعزرائيل ، فكل أسم من أسمائه الحسنى ، لا بد أن يمثله ملاك لتحقيق إرادته ، فنعرف ان من ينفخ الروح هو جبريل ، أي اسم الله الخالق ، ومن يقبضها عزريل ، أي يمثل اسم الله القابض ، ومن يتكفل برزقها ، هو اسم الله الرزّاق ، ممثلا بميكائيل ، لكنّ هذه الملائكة لم تشترك في عجينة آدم بداية ، بل عجنتها ملائكة أخرى ، و لنأخذ كمثال الآيات في سورة الانفطار ليد الله التي عجنت عجينة آدم ،
    { يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (Cool كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10كِرَامًا كَاتِبِينَ }
    في هذه الآيات يشير لنا الباري ، عن كيفية خلق الإنسان ، ويمثل الكريم أولهم ، وهو أول من أكرمنا ، بحسن الخلقة وقوام الخلق ، و الكريم هنا ، كمعنى إكرام اللحية وتدويرها ، وتشذيب الزيادات منها ، أي لم يجعل لنا كالحيوانات ذيول ، ولا على كل بشرتنا غطاء من الشعر ، فغرنا بديع صنعه وجمال خلقه ، عن باقي المخلوقات من الحيوان والنبات ، فقد خُلقت جميعها قبلنا ولم تُكْرَم مثلنا ، كما أكرمنا بالعقل وما فيه من ذاكرة ، فقد أكمل في الآية ( 10 و11 ) إن علينا لحافظين كراما كاتبين ، وسواء كان المقصود بهم الملائكة أم الذاكرة ، التي وضعت في أعلى الدماغ ، وفي مناطق كريمة من الرأس ، ويمكنها الاحتفاظ بالصورة والصوت وكل الأحداث ، حتى المناظر التي لم ننتبه لها أو ننساها ، فهناك الكثير من الأبحاث والدراسات ، أثبتت احتفاظ الإنسان بصِورٍ عن كل ما يمر به في حياته ، ثم من قام بتسويتنا ، ومن قام بتصويرنا بموجب السلالة الطينية ، التي عُجنّا منها ، و عُدلنا بأن جعل المرأة عديلة الرجل، وهي في ظهر آدم ، وجعل فينا النور الهادي ،
    { أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ (Cool وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ }
    وهذه يد الله(جل جلاله) التي خلقنا منها ، وبما إن لكل ملاك جناحين من العمل والوظيفة ، فما هدانا بهما ، هما من ضللنا أنفسنا بهما ، أي العين واللسان ، فقد أُودعتْ بنا خمس خصال ، منها المودة والرحمة ، التي جعلها الله فينا مع أزواجنا وأهلنا ، وما عاكسناها بالظلم والانتقام ، وكل ذلك سمي بالتسوية ، وبعد ذلك جاء نفخ جبريل الروح فيه ، و حَصَرها عزريل في مكان قبضه لها إذا ما جاءه ،
    {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} ص/72
    وحين تطلع على التصور الأول والتصور الثاني ، ستكتمل لديك الصورة بشكل أكثر دقّة …







    الفرع الثاني
    شبهة علم الروح

    { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا } الإسراء/85
    = نرى تخوفا كبيرا من العلماء والباحثين في دراسة الروح على أساس ما جاءت به الآية أعلاه ،
    مع ذلك فهم جميعا بحثوا عن مفهوم إرادة الله ومشيته ، ومعرفة الإرادة والمشية ، أعظم من معرفة الروح مراتٍ عديدة ، لو كانوا يعلمون ، لأن الروح جزء لا يذكر من إرادة الله ،
    [ ذكرت القصة في فتح الباري شرح صحيح البخاري / أحمد بن علي بن حجر العسقلاني /125
    - "حدثنا قيس بن حفص قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا الأعمش سليمان بن مهران عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال بينا أنا أمشي مع النبي (ص و آله) في خرب المدينة وهو يتوكأ على عسيب معه فمرّ بنفر من اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح وقال بعضهم لا تسألوه لا يجيء فيه بشيء تكرهونه فقال بعضهم لنسأله فقام رجل منهم فقال يا أبا القاسم ما الروح فسكت فقلت إنه يوحى إليه فقمت فلما انجلى عنه قال ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا "] .
    الرواية كما ذكرها الجمع :
    - أن هناك جماعة من اليهود جاءت للرسول الكريم (صلّوآله ) وسألته ما معنى الروح ؟
    فأجابهم الرسول الكريم بهذه الآية أو بعد برهةٍ كما ذُكر ، ويتضح من قوله تعالى أنه أمر الرسول أن يردّ عليهم و يقول .... ماذا يقول ..... يقول ( الروح من أمر ربي ) هنا أصبح لدينا جواب لسؤالٍ مبهم يدور مفهومه حول الروح ....
    فماذا قالوا بالضبط للرسول وكيف كانت صيغة السؤال ، لو كان سؤالهم إعلامنا عن الروح ، أو حدّثنا عن الروح ، أو ما الروح ،
    لكان جواب الله(جل جلاله) سيكون { قل الروح من علم ربي } ، مثلما جاءت الآية بخصوص علم الساعة وميقاتها ، فهم ومهما كانت صيغة السؤال يطلبون العلم بها ولا يطلبون بأمر من هي .
    أي يجب أن يكون سؤالهم (الروح مِن أمر مَن يا أبا القاسم ؟) ، حتى يكون الجواب السليم
    فيقول الرسول (الروح من أمر ربي) ،
    ومن المحال أن تكون صيغة سؤالهم بهذا الشكل ، لأنهم بذلك يسلّمون للرسول مفاتيح الجواب ، وما عساه أن يقول غير تلك الإجابة ،
    نبي يدعوهم للإيمان بالله الواحد مالك كل شيء ، فهل سيقول لهم إن الروح من أمري أو من أمركم ،
    حسنا بعد أن قال لهم إن الروح من أمر ربي ، فما هي تلك الروح ، لقد
    أرجعَتنا الإجابة إلى نفس السؤال ، فحين نسأل ونقول ما هو يوم الدين ستكون الإجابة إن الله هو مالك يوم الدين ، ويوم الدين هو عبارة عن يوم يُعد بآلافِ السنين مقيسا بأيامنا ، وفيه نشر وحشر وحساب طويل وإلى آخره مما بينه الله في كتابه لوَصف ذلك اليوم ، ولكن الإجابة إذا كانت مختصرة على إن يوم الدين هو يوم من أيام ملك الله(جل جلاله) ، فلا تكون الإجابة ذات أهمية إلا إذا كان السؤال – من هو مالك يوم الدين – ومَن مِن اليهود والنصارى وحتى المشركين ، لا يعلم إن الروح هي من شؤون الرب أيّاً كان ذلك الرب .......
    هؤلاء جميعا يؤمنون أن الروح من شأن الرب ، ولكنهم لا يعرفون مفهوم الروح ، أو إنهم يعرفون مفهومها ويريدون أن يختبروا الرسول ، أو إنهم في اختلاف بينهم حول مفهومها ،
    حسناً ، نحن نعرف معنى أن يذكر الله عز وجل فعل الأمر ( قل ) وماذا يكون مدلول الآية ،
    كل آية فيها ( قل ) تعني إضافة معلومة جديدة للمتلقي ، لم يسبق له معرفتها ، حتى وان ذكر الله ردا على أنه حجب العلم بها لنفسه ، لكنه سبحانه يأتي بزخم من المعلومات في ذات الآية ، أو بآية تسبقها أو تلحق بها ، لأن نفع (قل) كما ذكرنا هو الإدلاء بالجواب والرد المناسب ، كحديثهِ تعالى عن الساعة ،
    { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } الأعراف/187
    وماذا لو قلتُ لك أن اليهود والنصارى خصصوا جزء كبيراً من دينهم للتحدث عن الروح ، فإذا كانوا يعلمون أن الروح من أربابهم ، هل ينتظرون أن يقول لهم النبي أن الروح من أمر ربي ،
    لنتابع الآية ولنرى ما بعد ذلك ، ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )
    ربما تقول إن مفهوم الآية ، إن الروح من أمر ربي أي من علمه بدليل أنه قال بعدها وما أوتيتم من العلم إلا قليلا – أتدري ما سيكون مفهوم الآية ،
    أستغفر الله ، سيكون مَعناها إن الله بخل علينا بالعلم ثم قال ما تعلمون إلا قليلا ، ولو قال لنا ما هي الروح لكان العلم عندنا كثيرا ،
    حسناً لو أخذنا جمع العلم وجمع قليلة لنكوّن جملة – علومٌ قليلةٌ –
    وأسألك ما كان قصدي بالقليلة ..... عددها أم مقدارها .... أي أقصد علوم قليلة بعددها ، مثلا الفيزياء والأحياء والكمياء فقط من دون العلوم الأخرى ، أم أعني من كل علم شيء قليل .... أم أحتاج في صياغة الجملة إلى توضيح أكثر لتفهمها ، أي يجب أن أقول ، علوم قليلة من حيث العدد أم أقول علوم قليلة من حيث المقدار ،
    فلماذا لم يخبرنا الله ذلك ، أي يقول وما أوتيتم من العلم إلا قليلا عددا أو يقول وما أوتيتم من العلم إلا مقدارا قليلا ، والسكوت يعني أنه قصدهما معاً ،
    فما مفهوم العلم القليل ، الذي عناه وعرّفه الله عز وجل في هذه الآية ،
    هل يعني علم الروح الذي أنزلتْ الآية بسببه ، أم كل العلوم بما فيها علم الروح ..... فإذا كان يعني علم الروح ، فنحن لا نملك أدنى معلومة عنه ، لا قليله ولا كثيره ، وإذا كان يعني كل العلوم أي جاء العلم بمعناه الكلي لا الجزئي ، فعلم الروح ليس من هذه العلوم ، لأننا لا نملك منه شيئا ، فأين القليل ،
    والعلم في الآية سيكون جزئي وليس كلي ، لأننا استثنينا علم الروح ، فما الفائدة من هذه الآية كجوابٍ للسؤال عن معنى الروح .....
    لنأخذ الآن مفردة أخرى وردت في الآية موضوع النقاش وهي – من العلم – ولأحدّد كلامي كي لا نتيه في فلسفة العلم والمعرفة ، بل نخصص كلامنا بمفهوم العلم الغيبي ، الذي يدّعون بأن علم الروح منه ، ولمزيد من التوضيح سنبحث علم الغيب ونبأ الغيب في فرع مستقل ، ثم نخلص للقول ...[

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين يونيو 24, 2024 6:23 am