منتديات علاء الصائغ

مرحبا بك عزيز الزائر في منتدايات الشاعر علاء الصائغ يسعدنا ويشرفنا أن تنظم الينا لذلك قم بالتسجيل .

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات علاء الصائغ

مرحبا بك عزيز الزائر في منتدايات الشاعر علاء الصائغ يسعدنا ويشرفنا أن تنظم الينا لذلك قم بالتسجيل .

منتديات علاء الصائغ

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات علاء الصائغ

منتديات الشاعر علاء الصائغ


    الإسلام على جرفٍ هارٍ كتاب من تأليف المحامي علاء الصائغ ص من 100 إلى 111

    المحامي علاء الصائغ
    المحامي علاء الصائغ
    المدير العام
    المدير العام


    الإسلام على جرفٍ هارٍ كتاب من تأليف المحامي علاء الصائغ ص من 100 إلى 111 Empty الإسلام على جرفٍ هارٍ كتاب من تأليف المحامي علاء الصائغ ص من 100 إلى 111

    مُساهمة من طرف المحامي علاء الصائغ الجمعة فبراير 14, 2020 6:39 pm

    المطلب الثامن
    شبهة السجود لآدم

    أولا – { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ } ص/78
    هنا بين التشريع للملائكة ، لأن آدم بعدُ لم يسوّى ، ولم تنفخ الروح فيه { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ }
    بعدها نفذّت الملائكة هذا الأمر ، تنفيذا قضائيا استناداً على ما مضى من تشريع …..
    { فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ }
    وهذه الآيات تخبرنا عن أول أمر جاء للملائكة بالسجود ، وأول مخلوقٍ وهو أدَم كما افترضنا تسميته ، ولكي نحوّل هذا المشهد للواقع ، سنفترض إن هناك من يمثل الرب من ملائكته العالين ، و لنسميه (ميشائيل) تصوراً لملاك المشيئة ، وكان يجلس مكان الكعبة الشريفة ، وعلى يمينه أدم ، وعلى يساره أديم ، والملائكة الخاصة بالسجود كانت تَلْتَف حولهم كما يلتف المصلين حول بيت الله الآن ، وسوف نوضّح كنه كل من كان حاضراً ، أما إبليس ، فكان يقف خلفهم مباشرة ، مقابلا للبشر الأول ، لكنه وبعدما بدأ السجود الأول ، ابتعد مستنكفاً ومتكبراً ومحتجاً على قيام الملائكة بالسجود ، حيث مكان رجمه في الجمرة الصغرى ، ومن الطبيعي كان يرى ويسمع كل شيء ، فالجن عكس ما نحن عليه ، فكلما ابتعدوا مرتفعين نحو السماء تكبر صورهم ، وكلما اقتربوا تصغر صورهم ، راجع (مطلب الشريك المجهول) .
    في سورة الأعراف ، التي تُكِمل لنا الحديث المتصوّر للرب مع إبليس ، كانت الآية
    { إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ } تخبرنا أن إبليس كان يصطف مع الملائكة ، لذا قال الرب لم يكن من الساجدين ، كما إنه غادرهم لحظة السجود ، بل كان على بعد قدرناه وفق المثال بـ( 22 ) كيلو متر تقريبا عن الملائكة ، أي حيث يرجم الصغرى ، وبعدها اقترب أكثر ليرى أحقاً سيتم السجود لهذه العجينة السوداء ، حيث الجمرة الوسطى ، ولما رفض إبليس السجود كان أول قضاء للربّ على إبليس أن يكون رَجيما وملعوناً ، وحضور إبليس مع الملائكة كان حضوراً تكليفيناً وممثلاً لجماعته ، لسماع القرارات الجديدة للرب ، بشأن الأرض ، وحين اقترب أكثر ، شرّع الرب رجمه الثانية ، و هذا ما سوف نتحدث عنه في سورة الحجر ،
    فما أدرانا إن ما جاء في سورة (ص) كان أول أمر صدر للملائكة :
    1 - يتبين لنا جليا من مفهوم الآية ، أن أمر السجود لم يكن فوريا
    { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ }
    2 – ذكر الله هنا الفعل ( قال ربك ) دون الضمير المتصل ( نا ) وهذا يعني التشريع وليس التنفيذ ، كما مرّ بنا في خصائص النصوص الإلهية.
    ونطالع الآن الآيات التي جاءت بحق المخلوق الآخر .

    ثانيا – { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ } الحجر/35
    وهنا إبليس بعد أن غادر المشهد تقدم ، ليرى ما يحصل ، ولم يكن مع الساجدين ، لكونه غادرهم مكانياً ومعنوياً ، أي خرج عن دائرة وجودهم المعنوي والكوني ، وهذا ما يؤكد أنها الآية التي تلتْ سورة (ص) وهنا كانت التسوية قد تمت ، وانقضت سجدة لـ(أدم) وسجدة لـ(أديم)
    - وتلاحظ أن أديم بعد أن خُلق أصبح كل منهما إنس للآخر (انسان) ،
    - و لمّا كان أديم مخلوقا من حمئٍ مسنون و أسود البشرة ، ترى إبليس هنا لم يتباها ويذكر أنه خلق من نار ، لأنه أنِف من لون أديم ، لذا ذكر الله مادة خلق الجن الأقدم ، وهي نار السموم ، لأنه يعلم أن إبليس هذه المرة لن يحتاج التباهي بمادة خلقه :
    {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ } وهذا هو الفرق بين
    ( من الساجدين ) و ( مع الساجدين ) ، لذا فأنا مع القائل إن سور القرآن يجب أن تقرأ بــ(الصاد)صور القرآن ، لأنه سبحانه يعطيك صورة كاملة ، بين الكلمات وبين أحرف الكلمات ، وبين الحركات الموجودة على أحرف الكلمات .
    وفي هذه السجدة أصبح الآدميين (إنسان) ولفظ (إنسان) ، يجوز عليهما معا ، أو على أحدهما ، أي إذا كان المقصد بـ(إنسان) مثنى أو مفرد ، كما نذكر أن الفعل (قال ربك) لم يتصل بالضمير ( نا ) ،
    وقبل أن نكمل بقية السجود ، نسأل ما معنى ذلك السجود ، الذي تقوم به الملائكة لآدم ، سواء كان الأول أو الثاني أو هما معاً .
    خلق آدم من تراب كما خلق عيسى ، { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ } آل عمران / 59 ، لكن تراب عيسى يختلف عن تراب آدم ، فعيسى خلق من تراب واحد ، وهذا دليل يؤكد إن عيسى ليست له ذرية أبداً ولم يتزوج أبداً ، لأنّه من دون جهاز تناسلي ، أما آدم فلكي ، يخلقنا الله بألوان مختلفة جمعه من أتربة مختلفة ، ولكي تتفاعل تلك الأتربة مع بعضها ، خلطها الله بالماء فأصبح طيناً ، وذلك كله بيده ، التي سنتحدث عنها في أجنحة الملائكة ، ولأجل أن يحمل الذرية ، مع جيناتها الوراثية ، التي نعرفها اليوم ، خلط الطين بماء الذرية ، ( مجموعة الحيوانات المنوية ) ، { إنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ } الصافات /11 ،
    وأصبحنا على يقين الآن ، إثر البحوث العلمية إن معنى الطين الذي خُلقنا منه هو السلالة الطينية وليس الطين نفسه ،
    {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ }المؤمنون/12
    فكان سبحانه وتعالى ، كلما أمر أن توضع مع عجينة آدم ذرية معينة ، تسجد الملائكة ، ومعنى سجودها هو : خدمة تلك الذرية حتى آخر مخلوق قبل قيام الساعة ، أي كل ما أراده الله لنا ، تولّدنا ثم أرزاقنا ، القضاء و الابتلاء ، وحتى الدعاء لله برفعه أو ردّه ، ثمّ قبض الأرواح ، كل تلك الأدوار تحتاج من يقوم بها ، نحن نقول هذا رزق الله وبلاء الله وأماته الله ، لكن هل يقوم الله بذاته بذلك ... طبعا لا ، فسبحانه صاحب العزة والجبروت ، جل أن يدخل هذا الكون المادي الشيطاني ، فكل ذلك يكن عن طريق الملائكة المسخّرين ، أي الساجدين لتلك الذرّيات منذ خلقها ، فما شأن إبليس بذلك ....
    إبليس أراد أن يكون هو الخليفة على الأرض ومن ذريته الأنبياء والأوصياء ، { قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاحتنكن ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا } الإسراء/62 .... ،
    تلاحظ قول إبليس هذا الذي كرمتَ عليّ ، أي جعلته بدلاً عني وفضلته عليّ ، وكان إبليس يحسب ، أنه هو من سيقع عليه الاختيار ، بوراثة الأرض وذريته ،
    أي لم يكن سجوده لخدمة ذلك المخلوق وذريته ، بل سجوده يعني الإقرار بأمر الله أن تكون خلافة الأرض ، و الرسل والأنبياء وكل الذريات التي تسود الأرض ، جميعهم من أبناء آدم ، وبذلك فلن يعادي أياً من بني آدم ، وخصوصاً أنبياءه ، والإقرار بخدمة الملائكة لتلك الذريّات ، لذا فالسّجود هو ((أخذ الميثاق وتسليم المهام)) بمن سَيسكن الأرض وخدمة الملائكة لهم مؤمنين كانوا أو مشركين ، لذا كان سؤال الملائكة أولا ، والحوار الذي دار بين الله وملائكته في خلافة الأرض ، طبّقته الملائكة بهذا السجود و أقرّت به ،
    { قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لك } ،
    لكن الجن الذي كان سلطانهم وممثلا لفريقهم الأقوى إبليس ، والممثل لسبعين فرقة منهم على ما يبدو ، رفض هذا الاعتراف ، وأراد وراثة الأرض له ولذريته ، وأن يكون الخليفة منه أو من ذريته .
    = أمّا بقية الآيات الخمسة ، التي تبيّن السجود المتبقي ، بعد أن اكتمل الأخوين معاً ، وأصبح لهما اسماً ، ينادَون به ، وهو ( آدم ) الذي يعني الأخوين معاً أو آدم وزوجه .

    ثالثا - { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى } طه/116 ولا حاجة هنا لتشريعٍ جديد ، إذ قال (قلنا) ، و هذه السجدة بيّن لنا سبحانه إن إبليس أبى السجود ، والإباء هو : امتناع نفسي عن القيام بفعل أي أصبح هنا عاصياً ومتمرّداً ، وهذا حكم تشريعي وليس تنفيذي ، وسوف نتفهم الأمر شيئاً فشيئاً .
    رابعا – {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } البقرة / 34
    هنا جاء بــ(أبى واستكبر) أي إشارة بأنها تلي الآية السابقة ، وما زال إبليس يقف في مكانه حيث الجمرة الوسطى .
    خامسا – {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ َفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} الكهف / 50
    فلا حاجة هنا أيضاً لتشريع جديد فبدت الآية بــ(قلنا) ،
    أمّا بخصوص إبليس فلم يقل له اذهب ، ولا اهبط ، ولا أخرج ، وهنا أصبح إبليس فاسقاً ، وهو أيضاً من الأحكام التشريعية على إبليس ، وأنه أصبح فاسقاً ، أي حاز خمسة صفاتٍ لحد الآن ( كافر لذا بات رجيم ، لعين وعاصي وهنا أصبح فاسق ) .

    سادسا – { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا } الإسراء / 63
    ( وإذ قلنا للملائكة ) هنا حدد وقت السجود لحظة صدور الأمر وذلك بـ(إذْ) - وهنا ترى بوضوح أن الله ذكر (اذهب) وهو كما قلنا قضاء ووعيد ، وترى هنا أمره بـ( اذهب) ولم يقل له أخرج أو اهبط ، وقد وعده الله بجهنم هو ومن تبعه ، و أخيراً جئنا لآخر النصوص وهو النص الذي صرحت به سورة الأعراف ، التي أنهت هذا المشهد ، ودخل بعدها (أدم وأديم) للجنة وصدر على إبليس الحكم النهائي والتنفيذي ، بعد أن اقترب حيث منطقة العقبة ، التي أراد أن يتجاوزها بتظاهرةٍ كبيرة ، محتجّا ومنكراً ، لدخول المواثيق حيز التطبيق ، فرجم حقاً ، لأنه بقي على مقولته ، خلقتني من نار وخلقته من طين ، ونفّذت الملائكة رجمه تنفيذاً مباشراً ، لكننا سنرى ما قبل ذلك أي بعد السجدة السادسة ماذا حصل .
    سابعا – { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} الأعراف /13
    في هذه الآية ، وفي هذه المرة ، صدر الأمر الإلهي لإبليس ، بعد أن أصبح رجيماً في السماوات والأرض وووو – إذ قال له سبحانه – ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك – ولكن بالكيفية التي سنتناولها ،
    والهبوط هنا مازال تشريعياً ، فإن من يتكبر فيها يخرج منها ، و الأمر (فأخرج) يعتبر تنفيذياً ، مباشراً غير مؤجل ، لأن الأمر هنا جاء غير مسبوقٍ بـ(قال) ، أي إن خروجه ، بات مبنياً على ما صدر عليه من أحكام ، ولن يدخلها قط مرة ثانية ، لا في حياته ولا بعد قتله ،
    وهنا نتعرف ، إن إبليس نعته الله(جل جلاله) أولا وابتداءً ،، بـ(الكافر) مرتين و (الرجيم) مرتين و (اللعين) و (الفاسق) و (العاصي) و (المستكبر) و (المذموم المدحور) أي سبع صفات ، فإذا كان هناك سبع طبقاتٍ للجنة فقد طرد منهن إلى الأبد - وإن كان لجهنم سبع طبقات فقد تخلد في آخرهن ، أما حاله حين طُرد ، فكان من الصاغرين ، بعد أن كان يعتقد ، أنه مؤهلاً أن يكون الخليفة ، راجع (شبهة إبليس الشيطان و الملاك) ،
    في الحادثة التي ذكرها الله في كتابه الكريم ، نقف على أمور مهمة ، نذكرها بالتوالي ، أمرَ سبحانه بأن يكون (آدم) ، سواء كان واحداً أم إثنين من البشر ، هو من يعيش على الأرض بذريته ، وهذا خلاف آمال إبليس وتطلعاته ، وكلما وضع الله ذرية في ظهر آدم ، تسجد الملائكة وتقر بخدمتها لتلك الذرية ، وبما أن آدم وزوجه هما بشرين ، فقد سجدت الملائكة للأول مرّة واحدة ، و لِلثاني مرة واحدة ، ومن ثم خمس مرات والبشرين متكاملين معا ، ومعهم الذرية ، وبذلك تكون الملائكة سجدت سبع مرات ، ولكن بواقع إثني عشر مرّة ، ستة للأول الذي هو من طين ، وستة للثاني الذي هو من حمإ مسنون ، وبذلك كان لأدم مع الذرية ستة مرات و أديم مع الذرية ستة مرات ،
    والحوار المنسوب للرب مع إبليس ، جاء على مراحل متعددة ، كُلّما ذُكرت قضية السجود لآدم ، وكان أدم وأديم ، يقفان بجانب أركان الكعبة المشرفة ، والملائكة تحيط بهما من كل جانب ، بعد ذلك صدر الأمر الإلهي ، بأن يسكن آدم وزوجه الجنة ، التي كانا يقفان فيها فعلاً ، وجاء انفراد آدم بالسكن في الجنة هو وزوجه ، بعد أن دبّت الحياة فيهما وحملا الذرية في ظهريهما ، وبعد أن أُخرج منها إبليس ورجم رجم العقبة ، وبما إنه سبحانه شرّع رجمه في مواقفه السابقة ، شرّع لنا رجمه ثلاث مرات ، ولأنه سبحانه كانت أحكامه وشرائعه ، هي كما هي من يوم خلق الخلق حتى فنائهم ، فلا يساورني شك إن كل ما افترضته ، حصل فعلا أو تصوراً في مكان آخر ، و لنأتي بما ذكره الله من آيات ، تخص سكن آدم في الجنة و اقترابه من الشجرة .

    الفرع الأول
    التذوق من الشجرة
    أولاً – سورة الأعراف

    وهذه الآيات تتمة للآيات السابقة ، التي طرد بها وأخرج إبليس ، وهي دليل أن آدم ماسكن الجنة إلا بعد أن خرج إبليس منها نهائياً ،
    { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ }
    وحين تتيقن إن إبليس ما كان هو الشيطان، سوف تحصل على نتيجة في غاية الأهمية ، ألا وهي أن ما رآه آدم وزوجه هو الصدق ، أي إنهما قالا لبعضهما { مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ }
    أي إنها فعلا شجرة الملك ، و ظنا إنهما إذا ذاقا الشجرة أن يصبحا ملكين ،
    وبدايةً علينا أن ننتبه إلى الآية (إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) ففيها وردت الأداة (أو) ، والتي سنتحدث عنها في الآية القادمة ، ثم أكرر إن علينا التحدث عن أكبر المصائب ، والتي يرون إنها ليست ذات أهمية ، ألا وهي قضية إبليس والشيطان ، فمذ أول كتاب أصدرته 2010 ، وأنا أعلن أن إبليس ليس هو الشيطان ولا الشيطان إبليس ، ونشرت مقالاتٍ عدة ، وإن كانا قبيلتا بعضٍ ، كما الكافر قبيلة الشيطان والشيطان قبيلته ، ومن يقتنع يقول ، وما يضرنا أكان غيره أم هو نفسه ، ومن لا يقتنع يسلّم نفسه للروايات اليهودية المضحكة ، وسويّا سنرى كم أسأنا للقرآن بهذه اللامبالاة ، فكيف سنعرف نوع الشجرة إذا قلنا إنه إبليس ، أي كذب عليهما ، أما إذا قلنا هو الشيطان ، فسوف نستنتج ، أنهما شاهدا فعلا شجرة كريمة مباركة ، وآدم وزوجه يعرف أنها شجرة الخلد و مقام الملوك والخلافة ، وتباعاً سوف نعرف المزيد من خلال التفريق بين إبليس والشيطان ، ومن هذه الآية ، نعلم أولا ، إن الله نادى آدم ، ثم خصّه بالسكن هو وزوجه ، لوحدهما في الجنة ( أسكن أنت وزوجك الجنة )
    وهنا تحرك الشيطان في صدريهما ، بعد أن نهاهم الله عن الاقتراب من الشجرة ، ولم يكن الشيطان قبل هذه اللحظة ، قد نفذ صدريهما ، فهما يجهلان تماماً ، ما هو الشيطان وكيف يوسوس لهما ، وفهما مثل ما فهم اليهود والبعض ، أن إبليس سيأتي بنفسه ويعاديهما ، وأراد الله أن يحذر آدم وزوجه من الشيطان ، الذي أغوى إبليس أوّلا ، ففسق عن أمر ربّه ، لكنّ آدم و زوجه ، ظنّا أنه سيأتي بصورةٍ ما ليغويْهما ،
    ولم يعرفا أن الشيطان في مادة صنعهما ، فلما دلّاهما بغرور ، أي لم يريا من الأشجار ما يغري غير تلك الشجرة ، أو بالأحرى لم يريا متعة في الجنة إلا بالمُلُك ، أي إن الغرور ، هو من دفعهُما للتفكير بتذوق طعم المُلك ، فوسوس الشيطان لهما ، بأن هذا النهي الصادر من الله جل وعلا بعدم الاقتراب ، إنما كي لا تكونا ملكين أو تَكونا من الخالدين ، وهذا حديث النفس ، وليس حديث إبليس ، أي إن إبليس لمّا طُرد وساح في الأرض ، لم يعد للجنة مطلقاً ، ويدخل ببَطن الأفعى وووو
    وهنا لم يأكلا بل ذاقا فقط ، وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ، أي راح أدَم ينصح أديم بشيطانه ، وراح أديم ينصح أدم بشيطانه ، فكلما تردد أحد منهم دفعه الآخر – وترى (قال اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدو)
    فهي كما قلنا قضاء ، ولكن لم يكن قضاءً بحق أدم و أديم فقط ، بل هذا قضاء ، بحق الذرية التي دفعتهُما لذلك وبحقهما ايضاً ، معنى كلامي أن الذُريّات الاثنا عشرة ، حرّكت آدم وزوجه بما لديهم من أنفس ، وبمعنى آخر إن الذرية التي كانت في ظهر آدم و زوجَه ، هي التي دفعتهُما للتذوق ثم الأكل ثم الزّلَل عن الشجرة ، وشيئا فشيئا ، سوف نتفهم هذه القضية ، لأن القضية ليست كما تظنها ، رجل و امرأة أكلا من الشجرة و خرجا من الجنة ، كما أكدنا مراراً ، بل هي قضية الذرية أي نحن ، فلمّا ذاق الشجرة ، كان ذلك بدافع من الذرية وبدافع منهما معاً ، وبمنظور آخر ، إن ما قام به أدم وأديم ، كان له تأثير على الذرية ، وهذا ما أُطلق عليه حديثاً ، بعلم ما فوق الجينات (40) ، فقسمٌ منّا ذاقها ، وقسم أكل منها ، و القسم الأخير ، أزلّه الشيطان عنها ، فأمرَ الله أن يبقي في الجنة ، من لم يقترب من الشجرة ، ومن ندم من الذُريّات ، وطلبت العفو والمغفرة ، ومن ثمّ التوبة ، والباقين عليهم الذهاب جميعا إلى جهنم ، والّحاق بإبليس ، ولكي لا نجادل هذا القرار ، هبطنا إلى الأرض ، لنرى بأعيننا كيف ذقنا ، ثم أكلنا ، ثم أزلّنا الشيطان عن شجرة الملك ، أي مقام مُلك الرب ، لذا كان كلّما اقترب آدم وزوجه من الشجرة ، يصدر الله قراراً بهبوط ذلك النوع من تلك الذرية ، وبين تلك الذرية والأخرى ، طلبت بعض الذريات الغفران على لسان آدم ، و أخرى طلبت التوبة ، فاجتباها الله وتاب عليه وهدى ، وأولئك هم الأنبياء والصالحين ، وخلافهم العاصي والغاوي { وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ } طه / 122
    و آخرهم كان آدم وزوجه اللذان تلقيا كلماتٍ من الرب فتاب عليهما ، كما نلاحظ في هذه الآية إشارة بأن السوءة ، موجودة بالفعل لدى آدم وزوجه
    {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا} إنما أبداها لهما الشيطان ، و سنرى ما حلّ بهما بعد هبوطهما إلى الأرض ،
    وبالعودة للآيات ، سنرى الأحكام التي صدرت بحقنا ، نحن الذرّيّات ، بعد الأكل من الشجرة .
    الفرع الثاني
    الأكل من الشجرة
    سورة طه

    وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لّا يَبْلَى (120) فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ }
    الآية الأولى متعلقة بالسجود وقد أوردتها لأبين أن الآية التي لحقتها (117 ) ليست متزامنة أبدا ، مع وقت الآية الأولى ، فقوله تعالى (فقلنا) هذه الفاء للترتيب و التعاقب ، هنا أُلزمتْ الحجة على آدم بأمرين ،
    1 – التحذير من الشيطان الذي أغوى إبليس ، فأصبح عدوا لآدم .
    2 – النتيجة من إتباعه وهو خروجهما من الجنة والشقاء
    ومن المفروض أن آدم وزوجه ، وبعد مرور فترة طويلة ، ربما كفترة الرسل أي حوالي (600) سنة ، رجعا للطمع بالشجرة ، لأن الشيطان الذي فيهما ، صوّر لهما أمراً أكبر ، وهو الملك الذي لا يبلى والخلد معاً ، دون (أو) التي ذكرت في الآية الأولى ، فكيف نسيا فعلهما ، إن لم يكونا قد مرّا بزمن طويل جداً ، كما مرّ بين اليهود والنصارى ، والنصارى والإسلام ،مع ذلك تاب عليهما الله وهدى ، وهنا كان القضاء الثاني على الذرية ، و على أدَم وأديم أيضا جميعاً ، فإذا كرّراها كانت مشيئة الله نافذة ، ويخرجان من دون أمر ( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عدو ) اهبطا لآدم وزوجه – منها – مشتركة – وتكونت الأنفس الغاوية ومن لم يأكل ، اجتباه الله وهداه ، ولكي يعطيهم فرصة أخيرة ، لهما ولذرياتهما ، أعاد تنظيم حياتهما .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد يونيو 16, 2024 12:11 am