منتديات علاء الصائغ

مرحبا بك عزيز الزائر في منتدايات الشاعر علاء الصائغ يسعدنا ويشرفنا أن تنظم الينا لذلك قم بالتسجيل .

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات علاء الصائغ

مرحبا بك عزيز الزائر في منتدايات الشاعر علاء الصائغ يسعدنا ويشرفنا أن تنظم الينا لذلك قم بالتسجيل .

منتديات علاء الصائغ

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات علاء الصائغ

منتديات الشاعر علاء الصائغ


    الإسلام على جرفٍ هارٍ كتاب من تأليف المحامي علاء الصائغ ص74 إلى 87

    المحامي علاء الصائغ
    المحامي علاء الصائغ
    المدير العام
    المدير العام


    الإسلام على جرفٍ هارٍ كتاب من تأليف المحامي علاء الصائغ ص74 إلى 87 Empty الإسلام على جرفٍ هارٍ كتاب من تأليف المحامي علاء الصائغ ص74 إلى 87

    مُساهمة من طرف المحامي علاء الصائغ الجمعة فبراير 14, 2020 6:45 pm

    المطلب الخامس
    شبهة ضرب الأعناق والرقاب
    مفهوم الإسلام عند العرب

    ما أشبه هذه الشبهة مع شبهة تعدد الأديان ، وضرب المرأة ، بل ما أشبه الشبهات مع بعضها البعض ، فالقلوب ذات القلوب ، والأفهام ذات الأفهام ،
    لا يخفى على الجميع ما كان يعيشه العرب من حياة قاسية ، يخشوشن فيها حتى الطفل الرضيع ، أما عرب البادية ، فكانوا يعيشون حياة أشدّ فقراً وأشدّ حاجةً ، و قبائلهم تشنّ الغارات على بعضها البعض ، فما إن أزهرت أيامهم وتدفقت عليهم الأرزاق ، من كل صوب بمنٍّ من الله لعلهم يشكرون ، حتى امتحنهم الله ، بأول محنة وأعظم رزيّة ، ألا وهي وفاة نبيهم وقائدهم ومخلصهم من الظلمات إلى نور الصلوات ،
    لكنّ خوفهم من تردي الأوضاع ، وتفكك الدولة الإسلامية و احتمالية رجوعهم ، إلى عهد ما قبل البعثة النبوية ، دفعهم ليزاوجوا نشر وتبليغ الدين الإسلامي ، مع كل غزوة للبلدان التي تنعم بالخيرات ، ومن يتخلّف عن الجهاد في سبيل الله ، فلا أرضٍ تَأويه ولا سماء تُخفيه ، ويلحقه العار والشنار هو و قبيلته إلى يوم الدين ،
    وآمن الجميع بفكرة إن الدين الذي جاءهم ، هو الدين الإسلامي الوحيد الذي أنزله الله ،
    وإنهم أصحاب الدين الذي استقرّ رأي الله عليه ، في أن يتبعه كل البشر و ينهجوا نهجه ، وأن الله نسخ الأديان كلها بالدين الإسلامي ، ونسخ الكتب السماوية كلها بالقرآن ، وأبْطَـلَ أعمال كل الأنبياء بالنبي محمد (صلّوآله)، وأختار من كل الأمم أمّة جاهلة رعناء ، جُـبلتْ على السلب والنهب والغصب ، أمّةً أصدر الباري حكمه عليها مسبقاً في محكم كتابه
    { لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ } يس/7
    { وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } يس/
    مسبق أو غير مسبق ، يؤمنون أو لا يؤمنون ، ألجم الخيلَ ومن لا يشهد بالله ورسوله يُقتَـلُ أو يدفع الجزية عن يدٍ وهم صاغرون ، بذا تتوسع الدولة الإسلامية ويُتخَم بيتُ المال من الجزية والخراج ، هؤلاء مشركون وهؤلاء ملحدون وهؤلاء من أهل الكتاب ، حتى أيقظهم هولاكو بجيوشه ، التي سحقت ومحقت وأحرقت حتى مَواريثنا من المخطوطات والكتب النادرة ، بعد أن انتهت الدولة الإسلامية على يد خليفة أجمع كل المؤرخين على طيشه وانحرافه ووصفهُ المُؤرَّخ ابن أيبك الدواداري (29) قائلًا: «كَانَ فِيهِ هَوجٌ ، وَطَيْشٌ ، وَظُلمٌ ، مَع بَلَهٍ ، وَضِعفٍ ، وَانقِيَادٍ إِلَى أَصحَابِ السُّخفِ . يَلعَبُ بِطُيُورِ الحَمَامِ ، وَيَركَبُ الحِمِيرَ المِصْرِيَّةَ الفُرءِ»(30) كذا كان رأي ابن كثير وغيره في المستعصم بالله ،
    وما يهمنا الآن هو ما كان مفهوم الإسلام لدى العرب وهم يقاتلون باسمه ،
    كان أوسع مفهوم جاؤا به عن الإسلام ، دوّنه معظم المفسرين المعاصرين منهم والسلف ،
    الإسلام هو : شهادة أنّ لا إله إلا الله ، والإقرار بما جاء به من عند الله ،
    وهو دين الله الذي شرع لنفسه ، وبعث به رسله ، ودلّ عليه أولياءه ، لا يقبل غيره ولا يجزي إلا به (31) ، وبصورةٍ أخرى
    الإسلام بالمعنى العام : هو الخضوع والاستسلام والطاعة لله رب العالمين ، وعبادته وحده لا شريك له .
    وبالمعنى الخاص: هو الدين الذي جاء به نبينا (صلّوآله) ، ولا يقبل الله من أحد دينا غيره .
    لكن المقاتل لا يحتاج لهذا الفقه ، فيكفيه عبارة واحدة لدخول المعركة وهي (أسْلِم ، تَسْلَم) أما كيف تُسلم ، فتعني أن تعطي ما تملك للجيش وهم يعطوك ما تستحق ،
    وإذا تحدثنا بهمسٍ عن تلكم الفتوحات كي لا يسمعنا الخصوم ، فإنها كانت أبشع في منظار العالم من الحروب الصليبية ، لأن الأخيرة كانت دفاعية ، أما فتوحاتنا الإسلامية فكانت هجومية ،
    أنا أعرف طبعا يا أخي المسلم أن ديننا هو دين الحق ، ويجب أن ننشر الرسالة المحمدية ، ويكفي أن أهنيك على غزو الأندلس الذي درّ علينا بعشرات الآلاف من الجواري ، وحسّن نسلنا الأسمر ، وعزز تراثنا بالموشحات الأندلسية ،
    لكني كنتُ أتمنى أن ينتشر الإسلام بالسلام الذي يحمله في اسمه فَحُروف الّسلام هي ذات حروف الإسلام لذلك قال سبحانه ،
    { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } النساء/94
    في هذه الآية ملخّص لكل ما عرضناه ، فلمّا بدوا بفتوحاتهم ، ولكي لا يتخلص أهل الأمصار من دفع الجزية بالبدء بالسلام ، حكموا على هؤلاء بالكذب ظنا أنهم يبغون الفرار من الموت أو التهرب من دفع الجزية ، أو أن يقولوا حرفياً ، السلام عليكم ، وهم لا يتكلمون العربية ، فما معنى الإسلام الذي جاء به القرآن وأراده الله حقاً ، وهل كان آباؤنا مخطئين ، أم نتجنب السؤال ونقول هذا ما وجدنا عليه آبائنا الأولين ......
    { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } البقرة /62
    فهو الإيمان التام لله والانقياد لأوامره التي أتتنا من خلال كتبه ورسله وأولياءه الصالحين ،
    وهو نشر تعاليم الرب دون روابط عصبية أو رحمية أو نسبية أو سببية ، ولولا حب العباد لتملّك الدين ، لكنّا جميعاً ندين بدين واحد ولدينا كتاب واحد من نبي واحد ، فقد أنزل الله طليعة كتابه في صحف إبراهيم ، وكان من المفترض أن يكون ولده إسماعيل هو الذبيح وهو القربان عن جريمة قتل الأخوة لبعضهما البعض ، لكن العرب زمن النبي إسماعيل لم يكونوا أمّة قادرة على حمل الرسالة الإلهية ، فقد انحسرت نبوّة إسماعيل على أهل بيته فقط ،
    {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}مريم/55
    فيما كان أهل الشام بالمستوى الفكري الذي يؤهلهم لحمل الرسالة الإلهية ، مع ذلك كانت أطماعهم وشهواتهم الدنيوية ، أكبر من أن يتمّ إبراهيم الدين الإسلامي لهم ويكمل لهم الكتاب ، فأنزل الله الفصل الثاني من الكتاب في زبور داود ، والفصل الثالث في توراة موسى ، والفصل الرابع في إنجيل عيسى ، والفصل الخامس والأخير في فرقان محمد(صلّوآله) ، لذا قال الله تعالى
    ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) ، وهو خطاب من الخالق لكلّ خلقه ، لكن العرب جعلوه خطاباً خاصاً للنبي محمد (صلّوآله) ، على أنه يكلّمَهم هم و يعنيهم هم ، وبدل أن يحملوا أمر الله لينشروا دينه جعلوا الدين صواعاً لملكهم ،
    ومع أن أكذوبة الدين الوحيد ، أكذوبة قديمة ، إلا إن العرب تميزوا عن ما سلف من العباد بأنهم استخدموا كل الروابط العرقية والأخلاقية لنشر الدين ، حتى في ملابسهم وتكثيف لحاهم وشعورهم ، وعاداتهم القبلية ، و سجيتهم الإجرامية ليس أقلّها احتقارهم للمرأة وضربها ، والمصيبة الأكبر هو قطعهم للرقاب على أساس الآية (ضرب الرقاب) ، فالرقاب هنا بمعنى ( الرقيق ) ، ولا تعني الأعناق وضربهم أي عزلهم عن المعركة لأنهم مرتزقة دفعوا للحرب من قبل أسيادهم ولا يجب قتلهم بل عزلهم عن المعركة ،
    ولاحظ جلياً { فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ } محمد/4
    فإذا لقيتم الذين كفروا فاعزلوا العبيد المرتزقة حتى إذا أثخنتموهم أي أصبحوا بأعداد كبيرة ، فشدّوا وثاقهم فأمّا أن تمنوا عليهم و تُطلقوا أسرهم ، أو أن تُقايضوهم بأسرى لكم ، فهل تعلم ما كان تفسيرهم (32)
    ولنرى تفسير ابن كثير [ يقول تعالى مرشداً للمؤمنين إلى ما يعتمدونه في حروبهم مع المشركين : { فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} أي إذا واجهتموهم فاحصدوهم حصداً بالسيوف ، {حتى إذا أثخنتموهم} أي أهلكتموهم قتلاً، {فشدوا الوثاق} الأسارى الذين تأسرونهم، ثم أنتم بعد انقضاء المعركة مخيرون في أمرهم، إن شئتم مننتم عليهم فأطلقتم أساراهم مجاناً، وإن شئتم فاديتموهم بمال تأخذونه منهم ] ،
    لكنك حين تقول ما معنى الرقبة ، سيقولون لك فك رقبة ، و من في الرقاب ، هم الرق من الناس الذي يودّ الله منك عتقهم ، ولكنْ أمَا سألوا أنفسهم كيف يأمرنا الله أن نحصد رؤوسهم بالسيوف وفق تعبير ابن كثير ولا توجد أي أداة رابطة لا (بــ) ولا (للــ) ، وهو بنفسه استعملها للشرح وقال بالسيوف وغيره قال للرقاب ، فلماذا لم يقل الله فضربا للرقاب ، أو بالسيوف على الرقاب ، فهل الأرْجُل والزينة أهم من رقاب عباده ، إذْ قال سبحانه { وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ } النور /31
    و لمَ لا فهناك من الآيات من آزر رأيهم ، وأيقنوا بأن الضرب هو القطع
    { فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } الأنفال/12
    عساني أقول هنا إن الأعناق هم العبيد ، وليست الرقبة التي تحمل الرأس ، وبالفعل فالضرب هنا وهناك تعني القطع ولكن قطع ماذا ولماذا .... لكني أسأل أولاً ، ما معنى أضربوا منهم كل بنان ، هل يعني أن تمسك كل شخص منهم وتقطع له إصبعه ، طبعا لا ، فقصد الله أن أقطَعوا السبيل على قادتهم ،
    الأعناق هي أول الجيش ، كذا جاء في اللغة
    العنق : من كل شيء أوله (+)
    فالعنق هو مقدمة الجيش ، و الضرب فوق الأعناق هي منطقة ما بعد الجيش ، أي فوقهم وهي الرؤوس أي القادة ، وهم المشار لهم بالبنان ، أي افرضوا حزاماً قاطعاً بين الجيش وقادة الجيش ، وهذا نوع من الخطط العسكرية التي نسميها اختراق الصفوف ،
    فحين يعزل القادة عن الجيوش يكون الفوز محتوماً ، ومن ثم اقطعوا أي تدخل لكل شخص معروف فيهم فـ(البنان) هم القادة المشار لهم بالبنان
    يشار إليه بالبنان : كل الناس تعرفه ، معروف ، مشهور (+)
    وهذا ما جعل معارك الرسول كلها وما يسموها بالغزوات ، لا يتجاوز في أكثر الإحصائيات مبالغةً لعدد قتلى الطرفين (33) عن الــ(400) فقط ما عدى ما قاموا به بنو قريظة ، وغدرهم لمرتين مع الرسول ، لذا خسروا (600) أي أكثر من عدد قتلى المعارك كلها ، مع ذلك فالإحصائيات كلها لا تتجاوز الألف شخص من الجانبين ، وعليك أن تراجع بنفسك عدد الأرواح التي زهقت في كل معركة بعد وفاته (صلّوآله)
    وهذا كله بفضل تلك الخطط الذي هندسها الله تعالى رحمة للعباد ، فلم يكن الرسول الكريم يفسر القرآن حاشاه كتفسيرهم ويحصد الرقاب والأعناق حصداً ، بل كان الكفار هم من يخونون الاتفاقيات ، ثم يدعوهم ويدعوهم قبل أن يرفع السيف ، فإن رفعه ، فلن يسرف في قطرةِ دمٍ أبدا ، ولا يؤذي حتى الشجر ، عموما ، فكل هذه المفردات يعرفها العرب جيداً ، ويعرفون معانيها ولستُ من أدعي أنني المكتشف الأول لها ، لأني على يقين إن أهل البلاغة لا تفوتهم مثل هذه التعابير البلاغية ، لكنهم يشتهون المعنى الوحشي (34) ،
    { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُو بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } النور/11
    وكانت هناك عصابة من الأفّاكين ، طبيعتهم الوحشية ، حوّلت الدين إلى غزوات ، وقد كانوا يجبرون حتى نبيهم محمد (صلّوآله) على الغزو ، ويحيكونَ الفتن والمؤامرات لإيقاع الحرب بينه وبين من حوله من القرى والأمصار ، لدفع نبيهم للغزو ، ولكي يثنوه عن حرب بني قومهم من قريش ، والتي كان يدعوهم النبي لها ، ولكنهم يتملصون من خوضها ، لذا أسموا معارك النبي مع بني قومهم من قريش بالغزوات ، لكن غزواتهم الوحشية على أمصار العالم أسموها بالفتوحات ، والحقيقة أن النبي غزاهم بفكره وأخلاقه ، وهم غزوا العالم بسيوفهم الدموية وسلب الخيرات ، وأسر الرجال عبيداً والنساء إمَاء ، وهذا ما هو المفروض أن يكشف لنا ، من كان على صواب ومن كان على ضلال .

    المطلب السادس
    شبهة تعدد الأديان
    مفهوم الإسلام في لغة القرآن

    لماذا وضع لي الله سبحانه وتعالى سبباً لأحارب من سبقني للإيمان به وبكتبه وأنبيائه ، ما أحلى أن يكون ابن العم اليهودي وابن الخال النصراني ، صديقاً لي وعدواً لمن عاداني ، يحارب معي وأحارب معه كُلَّ من يعادي الله ما دمنا أخوة في وحدانية الله(جل جلاله) ، وإن لم أشترك فيه بالوحدانية ، فأنا وهو نعترف بأن الله أنزل الأنبياء والكتب والملائكة ، بدل أن يسبني وأسبّه ، يكفّرني وأكفّره ، يحاول أن يخزيني أمام الملحدين وأحاول أن أخْزيه ، مذابح ومحارق حصدت الملايين والملايين ، نجى منها الملحدون ووقع فيها الموحّدون ،
    وحين تتوغل في قلب الدين الواحد ترى المذاهب تُـقاتل بعضها بعضاً أشد من تقاتلها مع أصحاب الدين الآخر ، ويكفينا الإشارة إلى حرب الثلاثين عاماً بين المذاهب المسيحية فعلى أثرها مزّقتْ أوروبا ( 1618 م – 1648 م ) وانتهت بأن خسرت ألمانيا أكثر من ثلث عدد سكانها ، من عشرين مليونا إلى ثلاثة عشر ونصف المليون ، وبما إن الخسائر البشرية كانت من الرجال ، أذعن الجميع لتعدد الزوجات وفرضوا على كل رجلٍ أن يتزوج من امرأتين وفقاً للعهد القديم وذلك بقرار أُصْدِرَ في مؤتمر فرانكونيا المنعقد في فبراير 1650 م بمدينة نورن بيرغ الألمانية (35) ،
    أما المذاهب الإسلامية فحدّث وحدّث ولا حرج ، و لكل مذهبٍ مقولة واحدة ( أنا الفرقة الناجية و الباقين في النار ) ، أهذه صراعات من أجل الله والنجاة في الأخرة ، أم من أجل المناصب والعروش وحب الدنيا ،
    بعد وفاة سيد الخلق (صلّوآله) بدأتْ خيالات الفاتحين ، كما أطلقوا على أنفسهم ، ترسم لنفسها طريقاً للخلود ، وتثبّت أقدامها على الملك ، لكنّ حماية تلك العروش احتاجت إلى ضخ الأموال و أنهكت خزائن الدولة بالحروب ضد الأعداء في الخارج ، و ضد الخصوم في الداخل ، واشتدت الحاجة والفاقة ، مما دفع بالمستضعفين للرجوع للحلم الأقدم لديهم ، وهو ظهور المخلّص والرجوع إلى ايّام العدل ، وهي أيام النبي الأعظم ، و بدأ الجميع يسترجع أحاديث النبي التي تحدثت عن المُخلّص والمهدي و المنقذ وووو
    وفي صحيح البخاري ومسلم أن رسول الله (صلّوآله) قال : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم وإمامكم منكم (36) .
    وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلّوآله) : المهدي مني .. أجلى الجبهة أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطاً وعدلا ، كما ملئت ظلماً وجوراً ، يملك سبعَ سنين ، رواه أبو داود والحاكم وحسنه الألباني في صحيح الجامع ،
    وكم طمح الكثير بأن يحكموا باسم الإسلام الأرض بأسرها ، ولكننا بعيداً عن المنقذ و المهدي والمخلص وما إلى تلك من تسميات ، أراد الله سبحانه و تعالى ( كما سنطّلع على الآيات أدناه ) حاكما يحكم بالعدل والإنصاف وينهج نهج الأنبياء و الأوصياء ، فالدوْلة العباسية احرقتْ أبناء عمومتها من الأمويين ، والعباسيين ما جاءها من أمير إلا على دم أخيه كما فعل المأمون بالأمين ، بل وحتى على دم أبيه و عمه ، فكل من استولى على الحكم ، قتل أقرب الناس إليه من أجل الحكم ، ناهيك عن أعدائهم ، فذاك هدّ الكعبة وذاك استباح المدينة و ذاك رفع الرؤوس على الحراب ،
    ولم يتخلّق قط منهم بأخلاق الرسول ، لكنهم يتحلّون و يتنابزون بألقابهم ، التي تدعوك للاطمئنان بحبهم للدين ، فذاك من قال بأنه أمير المؤمنين ، و ذاك من قال أنا الزاهد العادل والقائم بحق الله والناصر لدين الله والمستنصر لدين الله ، وذاك الرشيد وذاك المعتصم و ألقاب لا تمت بواقعهم المخزي بأي صلةٍ ، وعلى ذلك تأسست الدولة العثمانية و الصفوية و الفاطمية و الأيوبية ، حتى انتهت تلك الآمال على يد السلاح الأسود والأسلحة المتطورة ، التي جاءت بها بريطانيا وحلفائها ، ثم أمريكا وحلفائها ، و انتهت تلكمُ الأحلام و راحت بين تلك وتلك أرواح الملايين بل وبدون أدنى مبالغة أرواح المليارات ، فمن قُتل قبل ألف عام ، يعادل مائة ألفٍ هذا اليوم أو يزيد ، أي بعد حسابنا لذريّاته ،
    و لم يبقَ من الآملين بظهور المخلّص إلا المستضعفين في الأرض ، وما أن تدرّ عليهم بالمال حتى يتناسوا روايات المخلّص فهم في عيشةٍ راضية ، ولو ظهر لهم لحاربوه بأنفسهم ، فالقضية قضية العيش الرغد وليست قضية ظهور العدل و الخلاص من الجور ،
    إذن نعود للقول إنّ الفاتحين الجدد ، انطلقوا حقا بنشر سيطرتهم على بلدان العالم ، وكان لابد لهم من تشريعٍ لدعم حملاتهم ضد الدول المجاورة ، خصوصاً إن معظمها كانت من الدول الموحدة ، من اليهود والنصارى ، وبعد أن هيمنوا على بلاد فارس ، التي تعتبر من ألد الخصوم ، لكنّ تشريع الحرب عليهم كان جاهزاً ، فهم من الملحدين الفرس ،
    أي يختلفون عنا من حيث الدين والقومية ، ومقاتلتهم شرف إسلامي من الدرجة الأولى ، ويعد انتصار العرب المسلمين على بلاد فارس من المعاجز الإلهية ، فالقائد الأعلى للجيش وهو ( سعد بن أبي وقاص ) نفسه لم يشترك في المعركة لمرضه كما ادعى ، وكما اختلفت أرملة المثنى معه على ذلك ،
    لكن المشكلة ازدادت تدهوراً بعد أن أصبحت الدولة الإسلامية ، بتخوم الدول الموحدة ، فما كان للمشرّعين إلا أن أخرجوا الموحدين من الذمة ، و شرّعوا قتالهم ، ولِمْ لا وهم من شرّعوا قتل بعضهم بعضاً ففي زمن الرسول الأعظم ما قام من أحدٍ بالتعرض للموحدين ، إلا عند نقضهم الصلح والاتفاق ، أو عند تعرض أحدهم للدولة الإسلامية بأذى ،
    أما بعد انتصار العرب المسلمين على بلاد فارس ، فكل الأمصار خافت التحرش بهم ، فمن يستولي على جيوش فارس ، لن يقف أمامه من أحدٍ قط ، لذا كانت الفكرة الشيطانية قد اختمرت إذبان الدولة الأموية ومن ثمّ العباسية ، وهي إن الإسلام هو الدين الأول والأوحد الذي يريده الله(جل جلاله) ، ومن يبغي ديناً غيره أو انتهك حرمة رجالاته فحلّ قتله ، سواء كان هذا الانتهاك بالسب أو الشتم أو الرأي المعاكس أو المخالف تصريحا أو تعريضاً ، فهذا ما ضيّق دائرة الكرسي ووسع دائرة التعدي ، فلا شأن للغرباء بالكراسي ، ومن يخالف فتشريعات اللعن والتكفير جاهزة ، ومعدةً سلفاً ،
    فما هي العلاقة الحقيقية التي أرادها الله بينه وبين عباده ، وبين عباده بعضهم مع بعض ، وما ذنب من ولد على غير دينٍ الإسلام ، وما فضل من ولد على دين الإسلام ،
    هل حقاً أراد أن يعبدوه بأديَان ومذاهب مختلفة ، وغيـّر سنته وآياته ، فنسَخ بعضها وأحكم بعضها ليتناحَروا بإسم دين الله الأصدق ، وأعطى لكل دين منهاجاً خاصاً لعبادته ، لِيتفاضلوا فيما بينهم ، والكلّ يقول هكذا أراد الله أن تعبدوه ، فإذا أجمع كل علماء الأديان على إن إبليس عبد الله آلافا من السنين ، حتى ارتقى إلى مصاف الملائكة ، ثم عصاه من أجل سجدةٍ واحدة ، فما الذي نرجوه من خلقٍ عجول وجزوعٍ وكسول ، قتل الأنبياء وخالف الأوصياء ، وجعلوا الدين سبيلا لَلعروش ، يغزون باسم الدين البلدان ويقتلون الشيب والولدان ،
    وهل تعتقد إن الله سبحانه فرض علينا أدياناً ثلاثة لنتقاتل باسمه ،
    = السؤال في حد ذاته تعدٍّ على عظمته وحكمته تعالى ، فما الجواب...
    الفرع الأول
    التفضيل بين الأنبياء

    لدينا قوله تعالى
    { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ } البقرة / 253 .... ولدينا أيضاً
    { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا } الإسراء/55
    وبعد ذلك لدينا قوله تعالى { لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } البقرة /285
    كما جاءت أحاديث كثيرة عن قيام الرسول المصطفى بمنع من يتعدّ من المسلمين على الأنبياء والمرسلين ، حتى وإن فضلوه (صلّوآله) على
    الأنبياء ، منه قوله { لا تفضلوا بين أنبياء الله }(37) أو { لا تخيروا بين الأنبياء } (38)
    التفاضل الذي ذكره الله(جل جلاله) للأنبياء ليس كما زعموا (39)
    [ ان النبي الفلاني خير من النبي الفلاني ] فهذا التفضيل من اختصاص الله لا من اختصاصاتنا ، و ما الحكمة من قولنا إن الله فضّل النبيين عَـــلى بعضهم البعض ، إلا لنحارب اليهود والنصارى ، والأصدق أنه سبحانه فـــضّل بينهم بالآيات ، أي أعـطـي موسى آية السحر بالعصا ، لأنها تنفع مع قومه ، وأعطى آية الشفاء لعيسى لأنها تنفع لقـــــومه ، و آية بلاغة القرآن لرسولنا ، لأنها من المفترض أن تنفع معنا ، لكننا عدنا لمطالبة الرسول بالسحر والشفاء وتركنا القرآن حينا من الدهر ، ثمّ إن اليهود تفانوا في حب موسى وهارون وعُزير ، وتــــــفانى النصارى في حب عيسى حتى جعلوه ابن الله(جل جلاله) استغفر الله ، ولو أنهم ما أحبوهما إلا لغايةٍ وطمع ، فماذا عــــــــنّــا ، نحن الذين قلنا أن محمد (صلّوآله) أفضل الرسل والأنبياء ، فلماذا طلب سبحانه أن نوقّر رسوله ،{ لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } الفتح /9
    و لا نرفع أصواتنا على صوته ، ولا نناديه من خلف الحجرات ، لو كُنّــا فعلا أدّيْنا لرسولنا الوقار، أي إن ما من آية ذكرت في القرآن ، إلا وكان لها مدلول على قيام البعض بفعل ذلك ، سواء في زمن الرسول وحتى قيام الساعة ، وكل ذلك مررنا به في أزلية النصوص الإلهية ، فهذه الآيات قُصد بها الله تعالى بعض الناس ، لكن الآية لن تَموت ، وكل آيات الله حيةً متفاعلة معنا ، ومن أعظم أبواب توقيره ، أن لا ترقى أحاديث أصحابه وعلماء أمّته على أحاديثه وسنّته ، وتلاحظ كيف ننادي ملوكنا بالجلالة والسمو ، أما رسول الله(صلّوّآله) فبالكاد أن نذكره بالصلوات ،
    وبالعودة لموضوعنا نقول أنه تعالى في سورة الأسراء ، بيّن لنا إعطاء داود الزبور ولو تابعت الآيات في السورة ، سترى أنه أكمل لنا التفضيل لكل نبي وما آتاه من آيات و بينات ، وحتى الدرجات التي رفعوا إليها كانت لأجل تلك الآيات ، أي أن هذا الرفع بالدرجات ، هو من باب التفضيل بالآيات لا بالشخصيات ، فلو كان بالشخصيات لما جاز أن يكون لشخصٍ منهم درجة مشابهة لأحد ، مثلا لو قلت إن موسى كليم الله فما هذا بصحيح ، لأنه تعالى أوّل من كلّمه كان آدم ،
    وكلم نوح وإبراهيم و الكثير قبل موسى (ع) ، وما كان رسولنا الكريم سمي بالمصطفى ، فقد أصطفى من قبل نوح و آل عمران و آل إبراهيم ، ولو قلنا يجوز أن يشترك جملة من الأنبياء بآية أو مسمّى أو صفة ، فما الفائدة المرجوة من التفضيل ، حتى وإن صدق قولهم أنه (صلّوّآله) منع التفاضل مراعاةً لمشاعر الموحدين ، بأن يروا أن أنبياءهم أدنى مرتبة وهذا ما يؤلمهم ، فنهيه (صلّوّآله) نهي ثابت ودائم وليس من باب الظرفية ، التي اِدعاها بعض الباحثين ، إنما هي مطلقة لا محيص عنها ، لأن من يقولها ، لا يذكرها حباً للرسول ، بل للتنكيل بأهل الكتاب ،
    وعليك الاطلاع على الروايات التي جاءت بهذا الصدد ، ولو كان التفضيل حبا للرسول لما أمرهم الله تعالى باحترام الرسول وتوقيره ، والكف عن ايذاءه ، والنظر إلى نساءه كما مرّ بنا .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد يونيو 16, 2024 1:58 am