أمنية كلّ كاتبٍ ، أن يُقرأ كتابه من المقدمة حتى النهاية ، لكنّ القارئ يحب أن يختار ما سيطالعه ربما ، لذا اخترتُ أن يكون الفهرست قبل المقدمة
كلمة الكاتب ................................................................................ 7
المقدمة ................................................................................. 11
المحور الأول .... أصل الشبهات .............................................................. 17
المطلب الأول ... غموض النصوص القرآنية وأسبابها ……أربعة فروع............................. 18
المطلب الثاني ... آيات احتلتها الجاهلية ......................................................... 31
المطلب الثالث ... آيات احتلها اليهود والأعاجم ................................................... 33
المحور الثاني ... فروع الشبهات ............................................................... 35
المطلب الأول ... شبهة ضرب المرأة ........................................................... 36
خلاصة المطلب الأول ..........................................................................47
المطلب الثاني شبهة التعامل مع نساء النبي بالقيود والحدود …..................………….............50
معنى تبرج الجاهلية الأولى ..................................................................... 56
المطلب الثالث ... شبهة المحكم والمتشابه والناسخ والمكرر ….........................….….….... 58
الفرع الأول ... المحكم والمتشابه ............................................................... 60
الفرع الثاني ... الآيات الناسخات ............................................................... 65
الفرع الثالث ... الآيات المكررة في القرآن ....................................................... 68
المطلب الرابع ... شبهة تغيّر الأحكام والسنن ..................................................... 70
المطلب الخامس ... شبهة ضرب الأعناق والرقاب ................................................ 74
المطلب السادس ... شبهة تعدد الأديان ........................................................... 81
الفرع الأول ... التفضيل بين الأنبياء ............................................................. 85
الفرع الثاني ... التفضيل بين الأديان ............................................................. 88
المطلب السابع ... شبهة مخلوقات النشأة الأولى ..... من حيث مخلوقاتها............................. 92
المطلب الثامن ... شبهة السجود لآدم .............................................................. 100
الفرع الأول ... التذوق من الشجرة ................................................................ 108
الفرع الثاني ... الأكل من الشجرة ................................................................. 111
الفرع الثالث ... الزلل عن الشجرة ................................................................. 113
المطلب التاسع ...شبهة هابيل وقابيل ...... خلقنا من طين ومن حمإ مسنون….......................... 122
المطلب العاشر ... شبهة الشجرة والذريّات........................................................... 133
المطلب الحادي عشر ... شبهة إبليس الشيطان وإبليس الملاك …....................................... 135
المطلب الثاني عشر ... شبهات عن إرادة الله ومشيئة الله ............................................. 141
المطلب الثالث عشر ... شبهة الشيطان والانفلاق الأعظم ............................................. 144
المطلب الرابع عشر ... شبهات خلق الجن (الشريك المجهول) ....................................... 151
المطلب الخامس عشر ... شبهات النشأة الأولى من حيث المقومات ……............................... 158
الفرع الأول ... شبهة الملائكة وأجنحتها ........................................................... 165
الفرع الثاني ... شبهة الروح أم علم الروح ......................................................... 165
الفرع الثالث ... شبهة علم الغيب ونبأ الغيب ........................................................169
ملخّص النشأة ... بمقوماتها ومكوناتها ..............................................................182
المطلب السادس عشر ... شبهة خليفة الأرض ..........بفرعين..................................... 184
الملحق / شبهة جواز تفسير القرآن أو حرمة تفسيره ....والخاتمــــــــــــــــــــــــــــــة ................... 194
كـــــــلـــــــــمةُ الكاتب
السلامُ عَليكُم ورحمةُ اللهِ ، أيّها القارئ النَّبيل ،
لم يكن لهذا الكتاب ، أن يكون بهذا الحجم والعدد ، فكل مطلب فيه يحتاج لكتاب بحجم هذا الكتاب ، وبعد تلخيصه لثلاثة آلاف صفحة ، ونشره على شكل مقالات على المواقع والمنتديات ،
ثمّ طباعته في الكتاب الأول (حقيقة آدم والخليفة القادم)(=) بـ(850) ، ومن ثمَّ أصبح بالحجم الذي تراه ، ولو كنتُ أملك القدرة لأجل تلخيصه في ورقةٍ واحدةٍ لفعلتها ، لعلمي بضجر القارئ العربي في يومنا هذا وما قبله ، من كل طرق المطالعة ،
لا بل ومقتنا من دراسة ما استحوذ عليه رجال الدين بشكل خاص ، من علوم الكتب السماوية ، والبحث في آياتها ، لأنها وعلى مر الأديان ، ومدى الأزمان ، تؤدي إلى القتل والتكفير ،
ورغم أني لبستُ بردة المحامي ، لأبتعد عن كهنوتهم ، لكنهم وببساطةٍ يمكنهم النفخ في النار ، أو التصغير والتحقير ، لكل من خالفهم أو اختلف معهم ، لإحراقي جملة وتفصيلا كما أُحرق غيري وغيري ، و كل من درس علوم الأديان ، بشكل أكاديمي ،
فعلومنا الآن من الطب والفيزياء وعلوم الطبيعة ....ألخ ،كانوا يعدونها ملكهم الذي ورثوه من الأنبياء ، وكأنَّ الأنبياء جاؤا لهم ، وبهم أنزلتْ آيات السماء ،وقيلَ إن أصبتُ لا أجْرَ لي ، وإن أخطأتُ فمقعدي في جهنّم ، لا يُنافسني عليه من أحد ، وأنا راضٍ بكليهما ، راجع الملحق في شبهة (جواز تفسير القرآن أو حرمة تفسيره ) ،
ولكن ... أن تبقى عقيدتي مشوبة بالسخرية ، وديني للحرب والكراهية ، فهذا ما لا أرضاه ، و إذْ قيل إن للقرآن وجوه ، فنحن لم نجد أحسن مما يكتشفه العلم الحديث من وجوه للقرآن ، وما وجدناه في أجسادنا من آيات ، أكتشفها الطبيب ، كما اكتشف المهندس وجه القرآن في بناء السماوات والأرض ، وأهل الأخلاق في تعاليم الرب ، فكل صاحب علمٍ رأى أفضل وأحسن وأصدق الوجوه للقرآن ،
وبذلك أوصلوا ما أمرنا به الرب أن يوصل ، فما أوصلوا لنا معظم رجالات الدين ، غير البغضاء والكراهية ، في السر والعلانية ، وخصّصونا أدياناً ومذاهب ، ليتكاثَرَ القوي منّا على الضعيف ، وإنّ علمي بعلاءِ وكرمِ الله(جل جلاله) يخبرني ، بأنّي إن أصبتُ ، فلي عظيم الأجر ، و إن أخطأتُ ، فلسوف يعاقب مترجّل الدين وخادم السلاطين ، الذي بثّ الدهماءَ و البهماءَ ، التي يعانيها في التفاسير ، وراح يلوك ما قال أباه و أجداده ،
فإن لَمْ يجد ، هو وأنصاره من تغيّرٍ في فهم القرآن(*) ، فَلِمَا هذه المدارس وتلك الجامعات ، و التصدي للفتي والاجتهادات ،
وأنا أعظُّ أصابعي بنواجذي ، لماذا درستُ القانون ، وولجتُ في أبحاثه ، وتركتُ هذه الآيات السماويّة ، وعلم القرآن الذي أتوق لفهمهِ ، والإبحار في آياتهِ ، حتى وجدتني وأنتَ ندور حول أقطابه ، ويشدّنا بأنواره ، مَهْمَا ابتعدنا عن آفاقه ،
فكدّرني ما عليه بعض رجالات ديننا ، وما هم فيه من آراء ، فما لي لا أراهم يدافعون عن الله ذي الجلالة والإكرام ،لا بل ويتهمونه باتهاماتٍ لم يتهمه بها حتى من ألحد أو أشرك أو كفر ، كيف لهم أن يدّعون ، أو يستمعون لمن يدعي ، أنه تعالى قد كلّم إبليس وحاوره ، حتى بعد عصيانه ، ثم وضع لنا حوار إبليس في آيةٍ قرآنية ،
وبذلك أصبح إبليس كليم الله وحاشا لله وتعالى عن ذلك ، و أصبحتْ بعض آيات القرآن من قول إبليس ، وليست من قـــــول الله والعياذ بالله من كل ذلك ، والمئات المئات من الفرضيات الخرافية ، والاجتهادات السطحية ،
أمّا عن رسولنا الكريم ، فيا ويلتي على مولاي وسيدي ، وهوَ يُتّهم بأبشعِ التّهم ، لم يك أبغضها اتهام زوجاته بالعري ، وعرض اجسادهنّ على الرجال راجع (صفحة 56و57) ، ومنها ما سنتعرّض له بالدراسة في هذا البحث ، ومنها ما سنتناولها لاحقا ، ومنها من لا يسعنا التعرض لها ،
وقد قمتُ بالسّرد وفقَ فنّ المقال ، لمزيدٍ من الإيجاز والتفاعل مع القارئ ، واخترتُ أن يكونَ بمِحْورين فقط ، وأفرغتُ البحث في مجموعةٍ من المطالب ، ثمّ طرحتُ بعض الفروع على شكل تساؤلاتٍ لاِختصار الديباجة واستخدمت الكثير من الأحرف والأدوات ، للسؤال والجواب كـ( أَيْ ، فأيّ ، إذْ ، لذلك ، إذن ، ألخ ) ،
مُبتعداً في كل ذلك عن الطرح النمطيّ ، فما امتشقتُ قلمي ، إلّا تخلّصاً من أولئك الذين تقَوْلَبتْ أفهامهم ، وبقي قرآننا العظيم ، هو كما هو منذ عهودٍ ، منقوشاً حاشاه كالمسلّات البابلية ، لأنهم اتخذوه مرآة لآفاقهم المتحجرة ،
وما إن يقرأ أو يسمع أحدهم ، بخطأ لغوي أو حتى إملائي ، تنتفخ أوداجه ، و تراه محمرّاً ومصفرّاً ، تحسّراً على لغتنا العربية ، ولسوف نرى حثيثا ، أنهم خانوا اللغة فخانتهم ، وغدروا البلاغة فغدرتهم ، لتركهم كل حاقدٍ و فاسدٍ يمسّ من قدرِ هذا الكَلِم العظيم ، و حين تطلب منهم النقاش بالشبهات ، فهذا من يقول هذه من علوم القرآن ، و ذاك يقول من العقائد ، و غيره من التفسير ، والنتيجة كما هي ، يعود الشيخ للبيت ، وتقِفْ الشبهة على ساقٍ تنتظر ،
فمنذ أن ماتَ أو قُـتل انقلبتم على أعقابكم ، والإسلامُ على جُرُفٍ هارٍ ، يَصرخُ من أضرارٍ بالغةٍ في القلب والرئتين ، وجراحات شديدةٍ في أسفل القدمين ، علاوة على اِلتهاباتٍ حادةٍ في الحنجرة والحلقوم ، وبالرغم من إن هذا التقرير صدر يوم وفاتِهِ (صلّوآله) ،
إلّا إن أحداً لم يَجْرُؤ على توقيعه ، وأضحى المفسّرون كأعجازِ نخلٍ خاوية ، يجترّونَ من السلف ويسْتفرغون على الخلف ،
أنا على يقين أن كل المسلمين لم يقرؤا معظم كتبِ المفسّرين ، لأنّ من يقرأها كلها ، ويؤمن بها كلها ، فإمّا أن يحتفظ بإسلامه ويفقد عقله ، أو أن يحتفظ بعقله ويفقد إسلامه ،
وإن كان في كشف الحقائق ما يمسّ أبناء جلدتي أو عروبتي أو رجالات ديني ، فالوصُول إلى الحقيقة أعظم تقديراً من الجميع ، وأسلم طريقاً لمرضاة الله(جل جلاله) ، والغريب أن هناك من يقوم باكتشاف الكثير من أخطاء رواد القرآن قديماً ، كمعنى الجمل ، الذي عرف على أنه حبل السفينة الغليظ ، وعلى أنه أعظم الحبال ، فلا يدخل سم الخياط ، ولكنهم لا يقولون أن من فسّرها كان كذّاباً أشر ، لا بل يتقبلون المعنى المنحرف والمعنى الصحيح ، وهذا موقف المسلمين منذ القدم ، الترحيب بالمنحرف والاعتراف ببعض الحق في آن واحد ،
وهذه خلاصة فكرتي ، بعدما وجدتُ ما أغفَلوه من القرآن ، أعظم مما أدركوه ، وما أخفوه أكثر مما كشفوه ، وأعلم أني لم ولن أدرك الحق كل الحق ، لكنني مددتُ آفاقي لإدراكه ، وأعتقد أني لــــمستُ الكثير مـــن بــهاءه ، فإن لــم يــــكن …
.... فــــيقيناً إنـي تخلصـتُ مــن كـــلّ الأباطيل...
............................................................................................................
المحامي .علاء الصائغ آل مرعب / سانت لويس / الولايات المتحدة /2012
المُــــــــــــقدّمة
أيلولة الإسلام للسقوط ، فالإسلام على جرفٍ هار ، منذ أن ذاق آدم الشجرة ، ثم أكلها ، حتى أزلّه الشيطان عنها ، ومنذ أن قتلَ قابيلُ هابيلَ ، أو ذبحوا ناقة صالح ، أو عبدوا الثورَ ثمَّ البقرة ، وجعلوا لله صاحبةً وأولاداً ، فالإسلام دين الله الأزليّ ، أنزله على آدم كما أنزله على محمد (صلّوآله) ولا تظننَّ أنك ولدتَ مسلماً لكرامةٍ وجدها الله فيك وفيَّ ، ولم يولد غيري وغيرك مسلماً لخساسةٍ فيه ، فنكون كإبليس استكبارا عـــــــلى العالمين ، وعلينا كــــــــــــــــمسلمين مهمة أعظم من كل البشر ، ألا وهي أن ندعوا الآخرين لديننا ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، فنحن على درب الحساب ، لا على درب الثواب ، ولم يشرفنا الله بالإسلام دون البرية ، إنما امتحننا به ، أنشكر أم نكفر ، ونحوزه ونخصّه لنا ، أم ننشره لكل البرية ، كما نشره المصطفى وآله فينا ، فاليهود والنصارى ما جعلوا أنبياءهم أبناء الله حاشاه ، حبا في أنبيائهم ، بل ليستحوذوا على الدين ويرثوه ، فيكون نبيهم الحق وغيره على الباطل ،
ولستُ أنا الذي ينتظرني ربي سبحانه لأنقذَ له كتابه الكريم حاشاه ، ولا أنا أرتقي عمّن سبقني من أهل العلوم والبلاغةِ منذُ القِدَم ، والذين تركوا مفاهيمَ الآياتِ كما هي ، ولا أعني مؤكداً ما بيّنه رسول الهدى من آيات ، فهذه محنة المسلمين الحقيقية ، لأنّ ما جاء به الرسول من تفسيرٍ ، يُزيدنا نوراً على نور ، أمّا ما لم يصلنا منه ، فهنّ اللواتي مُزّق الإسلام بفقدهنّ وتداعى بخسارتهنّ ، لأن من سبقنا اكترث بالزكاة والجزية والهدي والأنفال ، لأجل خزائن الدولة ، و من ثمّ حُكم الجارية وحيض الحرائر والنفاس ، مما دعاهم للاعتراف بالروايات اليهوديّة و من ثمّ الآراء الأعجميّة ، لسد هذا العوز ، حتى جاء المُحْدِثون يتحدّثون كلّ على هواه ، فعن قضية شجرة آدم ، ترى الغني قال عنها إنّها التفاحةُ ، و الفقير قال إنها الحنطة ، و إن كانت الحنطة نبتةً ، فهو من جوعهِ يفكّر في الحنطة ، وهذا ما كشفه لنا عن نفسه ، إذ يبيع أحدهم الجنّة بتفّاحةٍ ، والثاني بقليلٍ من الحنطة (1) ،
لذا فإني أدعو لإيقاف هذه المهزلة ، والكفّ عن الإساءة إلى القرآن ، بتفسير كل الآيات ، التي لم يأتِ تفسيرها عنه صلواتُ الله عليه وعلى آلهِ ، بما يساوي قدر كلماتِ الله من عظمةٍ ، إضافة لتفعيل علوم القرآن ، كلّما تطورنا بفهمنا و إدراكنا لها ، و لنأخذ بعض الأمثلة قبل أن نتناول ذلك في البحث : من الصعب أن يقتنع العرب بالغيب ...
( الله ، الملائكة ، الجنة ، النار ، يوم القيامة ، البعث … ) مع ذلك فليس هذا من المستحيل ، فهم على درايةٍ بالألوهيّة دون الربوبيّة والنبوّة ، ولأن الأديان السابقة مهّدة لهم ذلك ، أمّا أن تقنعه بأن الأرض كرويّة ، وهو يراها بأمّ عينه إنها منبسطة ومستوية ، فهو المستحيل بعينه ، وليومنا هذا هناك من لم يصدّق ، بل كفّرَ القائل بكرويّتها ، وهو ذات النهج الذي وقع فيه من قبلنا أرباب الأديان وأصحاب الكتب السماوية ،
أمّا ارباب ديننا فقد فسّروا كل آيات القرآن التي جاءت عن الأرض بمعنى انبساطها ، كــ( دحاها وطحاها ) فدحا بمعنى جعلها كروية ، لأن الدحّيّة هي البيضة ، و طحاها بمعنى جعلها في فلكٍ دائر كدوران الطاحونة اليدوية ، لاحظ كيف ..... وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ....
ترى كل الآيات تتحدث عن الدوران والتعاقب بين الشمس والقمر والنهار والليل ، وربط بناء السماء مع طحي الأرض ، دلالةً عن إن بناء السماء والأرض ، كله على أساس دوران الطاحونة اليدوية ، وهذا ما يفهمونه سابقاً من أمثال ، وما يستخدمونه من مصطلحات ،لكن الآباء أبداً لن يعقلوا عكس ما يرونه ، فكيف يقال لهم إنها كروية وهم يرونها منبسطة ، وكيف يقال لهم إنها تدور وهم يرونها ثابتةً ، وتمعن قوله تعالى ....
{ وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماءِ ماءً فاسقيناكموه } سورة الحجر-22
أنظر لعظمة هذه الآية وكل آيات ربي عظيمة ، فقد أجمع المفسرون إن الرياح لواقح للأشجار ، لأن العرب وكل بني المعمورة آن ذاك ، لا يعرفون من مفردة اللواقح غير تلقيح الأشجار بالأشجار ، أو دفع الرياح للسحب (2) ، لكنه تعالى تحدث عن كيفية نزول المطر ، ولم يتحدث عن الثمار ، أي تلقيح السحاب الموجب بالسالب لهطول المطر ، عين ما نعرفه الآن من تلاقح السحاب ببعضها فينبثق البرق والرعد ، ولو أنهم فعّلوا الآيات ببعضها ، كما جاء في وصف ذلك في {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} سورة الروم/48
فهم يشطرون حتى الآية الواحدة عن بعضها البعض كي يتسنى لهم تركيبها وفق ما يتطلعون ،
الآن وكلما اكتشفنا معلومة جديدة دلّنا عليها القرآن نبتهج ونهلل ، فلِمَ لا نكتشف العلمَ بعظمة القرآن ، قبل أن نكتشف عظمة القرآن بالعلم ، هذه آية من مائتين آيةٍ وأكثر ، سوف أحملها لك في هذه السلسلة ، وأنا على يقينٍ أن الرسول الكريم ، كان يعلم بكل هذا ويزيد ، من علومنا واكتشافاتنا ، لكن المشكلة ذات المشكلة ، وهي تفهّم الآخرين لها ، كما جاء في حديثٍ نسب له (صلّوآله) { نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ، ونكلّم الناس على قدر عقولهم } (3) .... أمّا أن تفاتحني بالآية التي ذكرت أن الرسول لا يعلم الغيب ....
{ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ } فالملائكة أيضاً قالت سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ، فجل جلاله هو خالق العلم ، ومن يقول أني أعلم الغيب من دون الله كمن يقول أقوم و أقعد بحَولي لا بحول الله (أستغفر الله) ، ثمّ من ذا الذي يدعي أن الرسول لم يستكثر من الخير (4) ، لقد استكثر الخير حتى لم يعادله من خلق الله من أحدٍ أبدا ، وهو بذلك عَلِمَ الغيبَ وغيبَ الغيبِ ،
لذا ما أروم إليه هو الرقي بالآية ، ليكون التفسير بمستوى عظمة كلام الرب ، فإلامَ سادتي وعلام كل هذا التكاسل ، ألا يعنينا قوله تعالى {أفلا يتدبرون القرآن} التي خاطب بها كل المنافقين والمشركين في الجاهلية ، أَوَ لا نخاطب بها أنفسنا … ،
وقوله تعالى { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } فهل عقلنا آياته ، وقوله صلى الله عليه وآله ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ) ، أمَا عليّ وعلى كلّ من يرى دفعاً للشبهات ، أن يكتب بيده ما يغيّر المنكر مما يدّعوه ، ويشافه العالم بالحقيقة ، وإن ظننتَ إن تغيير المنكر بالضرب ، و تقويمَ المعوج بالعصا ، فأنت مازلتَ عند قريش .
كيف نرى عظمة ما أنزله سبحانه من بيان ، ثم نرى من يمتعض من آيةٍ وأخرى ، ويجعلهن مأخذاً على الدين كله ، هذا هو حقاً ما كاشفنا به جل جلاله بقوله
{ وقال الرسول يا ربّ إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا } ... فلماذا لا نكاشف أنفسنا بما كان فينا من سوء ، وكل بني البشر حتى وقتٍ قريب جداً ، كانوا يضربون النساء ، ويحتقرون الفقير ويبيعون الرقيق ، وكتاب الله حارب كل هذا منذ أن فرضه الله تعالى ، وأول من خالفه قابيل ، إذ استخدم يده لتحقيق مراده ،
أوروبا وأمريكا كشفت لأبنائها ، وتحدّثت لهم عن جرائمها و الهمجيات التي أثارت الحروب ، وحين تتحدث عن العرب الأوائل وكيف يُغيْرُ بعضهم على جاره للنهب والاسترقاق ، يخرجون لك حصان حاتم الطائي الذي ذبحَه للضيف لترى كَرَمَ العرب وسخاءَهم ،
وأرانا لو وقفنا على مثالِبنا في فهم القرآن الكريم ، كما يجب أن يُفهم ، لخير من الخوض المطوّل والمفصّل في أسباب نشوئها ، ويبقى الحديث الأشدّ مرارة ، أن الساعي للتقرّب إلى الإسلام ، يلتقي بشخصياتٍ أقرب للشيطان من سماحة الرحمن ، هذا الذي يحرّم وهذا الذي يكفّر ، حتى ترى الكثير من المسلمين انجرفوا للمسيحية ، لما فيها من إباحية وحريةٍ لا تنالها حتى حيوانات الغاب ، فإذا كان هذا الانجراف سببه هواه ، فخيراً فعل ، لأن الإسلام ليس بحاجة للهوائيين أمثاله ، و أما إن كان انجرافه بسبب بعض المتعصبين و المغالين في الدين ، فلسوف يدفع أولئك الثمن كفلين من العذاب ،
و بخصوص علوم القرآن فلا يمكن اتهام العرب الأوائل بالجاهلية دون الشعوب الأخرى ، لأنهم كبقية شعوب العالم ، كانت علومهم تقتصر على ما يرونه حولهم من الظواهر الطبيعية ، إنما الجهل فينا نحن ، الذين بقينا على ما فهمه الأوائل ، وحين ترى إن إبليس دخل الجنّة ليوسوس لآدم ، فأنت ما زلت في العصر الآشوري ، وإن تكن على مقربةٍ من القرآن ستجد إن هناك من الآيات من احتلتها الجاهلية ، وبقينا ندافع عن احتلالهم هذا كما سنوضح ، وآيات أخرى احتلتها اليهودية ، برواياتهم وأساطيرهم عن النشأة الأولى ، وما زلنا نؤمن بها ونروّج لمفاهيمها ، و بعد أن انتشرت العلوم ، وبات الكثير من الناس يتطلعون لكشف الغموض عن النصوص القرآنية ، عادوا لإعلان شعاراتهم القديمة ، ملاذ البهائم وسبيل الأنعام ، ( علوم لا تنفع من علم بها و لا تضر من جهل بها )
أو ( لو أراد الله لنا العلم بها لما جعلها مبهمة ) (5) ...
لقد أجابكم الله عن قولكم هذا وإنما تعمى القلوب التي في الصدور ، فقد قال تعالى
{ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ } سورة ص
فالمبهم والغامض ، هو العظيم من الأنباء والأسرار ، والعلوم التي لا تنفع ولا تضر ، هي التي لم يرد ذكرها في القرآن مطلقاً ، كقولهم عن أسماء ذرية إبليس ، وإنه كان يسكن في حي اسمه جني ، والكثير الكثير مما أورده ابن كثير في البداية والنهاية ( باب خلق آدم ) ، وباقي المفسرين ، الذين نقلوا تلك الروايات من التوراة ، وأضافوا عليها اقتراحاتهم ووجهة نظرهم ، و للوصول لهذا النبأ العظيم ، ومن ثم العلم الخاص بخلافة الأرض ، فإننا سنمر في هذا الكتاب بكل الشبهات التي ستقف لاحقا في طريقنا ، حتى مفهوم كلمة ضرب التي سنتناولها في مبحثين ، وأول ورقة بحثية كتبتُها في كل هذه السلسلة ، بأجزائها وأبوابها وملاحقها ، كانت خلاصة البحث الجنائي لجريمة ، هابيل وقابيل ، راجع الصفحة (132) ، فكتبتُ إليك ما كتبتُ ، وعلمتُ إن لكل باحثٍ ، ومن مختلف العلوم والفنون ، مسؤولية التفكر والتبصر لهذا الكلم العظيم ، والدين ليس بحاجة لشكليات الملبس والوجوه ، ولا عناوين التخصص ، بل لمدارك العقل وثبات الإيمان ، وبعد إصدار كتاب حقيقة آدم والخليفة القادم ، ولكونه بحث مطوّل ، أفردنا هذا الكتاب ، للوصول في ما لاح لنا من مفاهيم ، من الصعب تقبلها قبل الوقوف عليها ، والشبهات التي أدت لتلك الاعتقادات ، و لدراسة تلك الشبهات ، اخترنا دراستها في محورين . المحور الأول - أصل الشبهات
المحور الثاني - فروع الشبهات .
المحور الأول
أصل الشبهات
الأسباب الرئيسية لنشوء الشبهات هما الغموض والانحراف، فالقاضي لا يُحيد عن مسارهِ ، إلا لسببين ،
أولهما و أهمها ، عدم وضوح النصوص .
وثانيهما و العنهما ، اِنحرافه عن مسار الحق .
فالوضوح لا يخلق الاشتباه ، والقرآن دون الكتب السّماويّة التي سبقته ، شملَ على آياتٍ غامضةٍ تعمّد الله(جل جلاله) هذا الغموض ، أي من أسباب نشوء الشبهات هو غموض النصوص ، التي كان له أسباب أخرى لنشوئه ، أما انحراف التفسير ، فهي الآيات التي غالطوا فهمها أو تعمدوا فهمها بصورة خاطئة ، وهي أمّا من احتلال طباع الجاهلية لبعض الآيات ، أو احتلال اليهود والأعاجم لآياتٍ أخرى ، والجدير بالذكر إن بعض الآيات التي احتلتها طباع الجاهلية ، أيضاً كانت ضمن مخططات اليهود في الوصول لفهمها بتلك الشبهة ، فمن أهم ما حَرُص عليه اليهود بعد البعثة الشريفة ، أن لا يأتي القرآن بأي معلومة تسفّه ما توصّلوا له من تفاسير لكتابهم ، أو تجعله في المرتبة الثانية بعد القرآن بغزارة المعلومات ، وتفصيل الأحداث والروايات ، لذا ترى كتابهم انتفخ المرة الأولى ، بعد أن أضافوا عليه ما جاء في الإنجيل من أنباء وعلوم ، ثم زادوا عليه ما جاء في القرآن فانتفخ الثانية ، وسنتطرق الآن لكل ذلك بالتفصيل .
المطلب الأول / غموض النصوص القرآنية .
المطلب الثاني / آياتٌ احتلتها الجاهلية واليهود والأعاجم .
المطلب الأوّل
غموض النصوص القرآنية
(غموض الكلمات والآيات والنصوص)
ذكرنا آنفاً ، أنه سبحانه وتعالى قد قصد الغموض في بعضٍ من آيات القرآن ، فلماذا ، وبدايةً سنعطي مثالا مع الفارق الكبير طبعاً ، ولكن لأجل التوضيح ليس إلاّ ،
فنقول ...
هل أن قضية الغموض الذي قصده الله(جل جلاله)، تشابهُ ما نسميه بمدرسة الفن للفن ، أي لا يَفهم الفنّ إلا أهل الفن ، أم الفن للناس ، أي يفهمه كل الناس ، وسوف نعرف الآن ، ما هو الجواب من خلال البحث في أسباب الغموض وأشكاله
كلمة الكاتب ................................................................................ 7
المقدمة ................................................................................. 11
المحور الأول .... أصل الشبهات .............................................................. 17
المطلب الأول ... غموض النصوص القرآنية وأسبابها ……أربعة فروع............................. 18
المطلب الثاني ... آيات احتلتها الجاهلية ......................................................... 31
المطلب الثالث ... آيات احتلها اليهود والأعاجم ................................................... 33
المحور الثاني ... فروع الشبهات ............................................................... 35
المطلب الأول ... شبهة ضرب المرأة ........................................................... 36
خلاصة المطلب الأول ..........................................................................47
المطلب الثاني شبهة التعامل مع نساء النبي بالقيود والحدود …..................………….............50
معنى تبرج الجاهلية الأولى ..................................................................... 56
المطلب الثالث ... شبهة المحكم والمتشابه والناسخ والمكرر ….........................….….….... 58
الفرع الأول ... المحكم والمتشابه ............................................................... 60
الفرع الثاني ... الآيات الناسخات ............................................................... 65
الفرع الثالث ... الآيات المكررة في القرآن ....................................................... 68
المطلب الرابع ... شبهة تغيّر الأحكام والسنن ..................................................... 70
المطلب الخامس ... شبهة ضرب الأعناق والرقاب ................................................ 74
المطلب السادس ... شبهة تعدد الأديان ........................................................... 81
الفرع الأول ... التفضيل بين الأنبياء ............................................................. 85
الفرع الثاني ... التفضيل بين الأديان ............................................................. 88
المطلب السابع ... شبهة مخلوقات النشأة الأولى ..... من حيث مخلوقاتها............................. 92
المطلب الثامن ... شبهة السجود لآدم .............................................................. 100
الفرع الأول ... التذوق من الشجرة ................................................................ 108
الفرع الثاني ... الأكل من الشجرة ................................................................. 111
الفرع الثالث ... الزلل عن الشجرة ................................................................. 113
المطلب التاسع ...شبهة هابيل وقابيل ...... خلقنا من طين ومن حمإ مسنون….......................... 122
المطلب العاشر ... شبهة الشجرة والذريّات........................................................... 133
المطلب الحادي عشر ... شبهة إبليس الشيطان وإبليس الملاك …....................................... 135
المطلب الثاني عشر ... شبهات عن إرادة الله ومشيئة الله ............................................. 141
المطلب الثالث عشر ... شبهة الشيطان والانفلاق الأعظم ............................................. 144
المطلب الرابع عشر ... شبهات خلق الجن (الشريك المجهول) ....................................... 151
المطلب الخامس عشر ... شبهات النشأة الأولى من حيث المقومات ……............................... 158
الفرع الأول ... شبهة الملائكة وأجنحتها ........................................................... 165
الفرع الثاني ... شبهة الروح أم علم الروح ......................................................... 165
الفرع الثالث ... شبهة علم الغيب ونبأ الغيب ........................................................169
ملخّص النشأة ... بمقوماتها ومكوناتها ..............................................................182
المطلب السادس عشر ... شبهة خليفة الأرض ..........بفرعين..................................... 184
الملحق / شبهة جواز تفسير القرآن أو حرمة تفسيره ....والخاتمــــــــــــــــــــــــــــــة ................... 194
كـــــــلـــــــــمةُ الكاتب
السلامُ عَليكُم ورحمةُ اللهِ ، أيّها القارئ النَّبيل ،
لم يكن لهذا الكتاب ، أن يكون بهذا الحجم والعدد ، فكل مطلب فيه يحتاج لكتاب بحجم هذا الكتاب ، وبعد تلخيصه لثلاثة آلاف صفحة ، ونشره على شكل مقالات على المواقع والمنتديات ،
ثمّ طباعته في الكتاب الأول (حقيقة آدم والخليفة القادم)(=) بـ(850) ، ومن ثمَّ أصبح بالحجم الذي تراه ، ولو كنتُ أملك القدرة لأجل تلخيصه في ورقةٍ واحدةٍ لفعلتها ، لعلمي بضجر القارئ العربي في يومنا هذا وما قبله ، من كل طرق المطالعة ،
لا بل ومقتنا من دراسة ما استحوذ عليه رجال الدين بشكل خاص ، من علوم الكتب السماوية ، والبحث في آياتها ، لأنها وعلى مر الأديان ، ومدى الأزمان ، تؤدي إلى القتل والتكفير ،
ورغم أني لبستُ بردة المحامي ، لأبتعد عن كهنوتهم ، لكنهم وببساطةٍ يمكنهم النفخ في النار ، أو التصغير والتحقير ، لكل من خالفهم أو اختلف معهم ، لإحراقي جملة وتفصيلا كما أُحرق غيري وغيري ، و كل من درس علوم الأديان ، بشكل أكاديمي ،
فعلومنا الآن من الطب والفيزياء وعلوم الطبيعة ....ألخ ،كانوا يعدونها ملكهم الذي ورثوه من الأنبياء ، وكأنَّ الأنبياء جاؤا لهم ، وبهم أنزلتْ آيات السماء ،وقيلَ إن أصبتُ لا أجْرَ لي ، وإن أخطأتُ فمقعدي في جهنّم ، لا يُنافسني عليه من أحد ، وأنا راضٍ بكليهما ، راجع الملحق في شبهة (جواز تفسير القرآن أو حرمة تفسيره ) ،
ولكن ... أن تبقى عقيدتي مشوبة بالسخرية ، وديني للحرب والكراهية ، فهذا ما لا أرضاه ، و إذْ قيل إن للقرآن وجوه ، فنحن لم نجد أحسن مما يكتشفه العلم الحديث من وجوه للقرآن ، وما وجدناه في أجسادنا من آيات ، أكتشفها الطبيب ، كما اكتشف المهندس وجه القرآن في بناء السماوات والأرض ، وأهل الأخلاق في تعاليم الرب ، فكل صاحب علمٍ رأى أفضل وأحسن وأصدق الوجوه للقرآن ،
وبذلك أوصلوا ما أمرنا به الرب أن يوصل ، فما أوصلوا لنا معظم رجالات الدين ، غير البغضاء والكراهية ، في السر والعلانية ، وخصّصونا أدياناً ومذاهب ، ليتكاثَرَ القوي منّا على الضعيف ، وإنّ علمي بعلاءِ وكرمِ الله(جل جلاله) يخبرني ، بأنّي إن أصبتُ ، فلي عظيم الأجر ، و إن أخطأتُ ، فلسوف يعاقب مترجّل الدين وخادم السلاطين ، الذي بثّ الدهماءَ و البهماءَ ، التي يعانيها في التفاسير ، وراح يلوك ما قال أباه و أجداده ،
فإن لَمْ يجد ، هو وأنصاره من تغيّرٍ في فهم القرآن(*) ، فَلِمَا هذه المدارس وتلك الجامعات ، و التصدي للفتي والاجتهادات ،
وأنا أعظُّ أصابعي بنواجذي ، لماذا درستُ القانون ، وولجتُ في أبحاثه ، وتركتُ هذه الآيات السماويّة ، وعلم القرآن الذي أتوق لفهمهِ ، والإبحار في آياتهِ ، حتى وجدتني وأنتَ ندور حول أقطابه ، ويشدّنا بأنواره ، مَهْمَا ابتعدنا عن آفاقه ،
فكدّرني ما عليه بعض رجالات ديننا ، وما هم فيه من آراء ، فما لي لا أراهم يدافعون عن الله ذي الجلالة والإكرام ،لا بل ويتهمونه باتهاماتٍ لم يتهمه بها حتى من ألحد أو أشرك أو كفر ، كيف لهم أن يدّعون ، أو يستمعون لمن يدعي ، أنه تعالى قد كلّم إبليس وحاوره ، حتى بعد عصيانه ، ثم وضع لنا حوار إبليس في آيةٍ قرآنية ،
وبذلك أصبح إبليس كليم الله وحاشا لله وتعالى عن ذلك ، و أصبحتْ بعض آيات القرآن من قول إبليس ، وليست من قـــــول الله والعياذ بالله من كل ذلك ، والمئات المئات من الفرضيات الخرافية ، والاجتهادات السطحية ،
أمّا عن رسولنا الكريم ، فيا ويلتي على مولاي وسيدي ، وهوَ يُتّهم بأبشعِ التّهم ، لم يك أبغضها اتهام زوجاته بالعري ، وعرض اجسادهنّ على الرجال راجع (صفحة 56و57) ، ومنها ما سنتعرّض له بالدراسة في هذا البحث ، ومنها ما سنتناولها لاحقا ، ومنها من لا يسعنا التعرض لها ،
وقد قمتُ بالسّرد وفقَ فنّ المقال ، لمزيدٍ من الإيجاز والتفاعل مع القارئ ، واخترتُ أن يكونَ بمِحْورين فقط ، وأفرغتُ البحث في مجموعةٍ من المطالب ، ثمّ طرحتُ بعض الفروع على شكل تساؤلاتٍ لاِختصار الديباجة واستخدمت الكثير من الأحرف والأدوات ، للسؤال والجواب كـ( أَيْ ، فأيّ ، إذْ ، لذلك ، إذن ، ألخ ) ،
مُبتعداً في كل ذلك عن الطرح النمطيّ ، فما امتشقتُ قلمي ، إلّا تخلّصاً من أولئك الذين تقَوْلَبتْ أفهامهم ، وبقي قرآننا العظيم ، هو كما هو منذ عهودٍ ، منقوشاً حاشاه كالمسلّات البابلية ، لأنهم اتخذوه مرآة لآفاقهم المتحجرة ،
وما إن يقرأ أو يسمع أحدهم ، بخطأ لغوي أو حتى إملائي ، تنتفخ أوداجه ، و تراه محمرّاً ومصفرّاً ، تحسّراً على لغتنا العربية ، ولسوف نرى حثيثا ، أنهم خانوا اللغة فخانتهم ، وغدروا البلاغة فغدرتهم ، لتركهم كل حاقدٍ و فاسدٍ يمسّ من قدرِ هذا الكَلِم العظيم ، و حين تطلب منهم النقاش بالشبهات ، فهذا من يقول هذه من علوم القرآن ، و ذاك يقول من العقائد ، و غيره من التفسير ، والنتيجة كما هي ، يعود الشيخ للبيت ، وتقِفْ الشبهة على ساقٍ تنتظر ،
فمنذ أن ماتَ أو قُـتل انقلبتم على أعقابكم ، والإسلامُ على جُرُفٍ هارٍ ، يَصرخُ من أضرارٍ بالغةٍ في القلب والرئتين ، وجراحات شديدةٍ في أسفل القدمين ، علاوة على اِلتهاباتٍ حادةٍ في الحنجرة والحلقوم ، وبالرغم من إن هذا التقرير صدر يوم وفاتِهِ (صلّوآله) ،
إلّا إن أحداً لم يَجْرُؤ على توقيعه ، وأضحى المفسّرون كأعجازِ نخلٍ خاوية ، يجترّونَ من السلف ويسْتفرغون على الخلف ،
أنا على يقين أن كل المسلمين لم يقرؤا معظم كتبِ المفسّرين ، لأنّ من يقرأها كلها ، ويؤمن بها كلها ، فإمّا أن يحتفظ بإسلامه ويفقد عقله ، أو أن يحتفظ بعقله ويفقد إسلامه ،
وإن كان في كشف الحقائق ما يمسّ أبناء جلدتي أو عروبتي أو رجالات ديني ، فالوصُول إلى الحقيقة أعظم تقديراً من الجميع ، وأسلم طريقاً لمرضاة الله(جل جلاله) ، والغريب أن هناك من يقوم باكتشاف الكثير من أخطاء رواد القرآن قديماً ، كمعنى الجمل ، الذي عرف على أنه حبل السفينة الغليظ ، وعلى أنه أعظم الحبال ، فلا يدخل سم الخياط ، ولكنهم لا يقولون أن من فسّرها كان كذّاباً أشر ، لا بل يتقبلون المعنى المنحرف والمعنى الصحيح ، وهذا موقف المسلمين منذ القدم ، الترحيب بالمنحرف والاعتراف ببعض الحق في آن واحد ،
وهذه خلاصة فكرتي ، بعدما وجدتُ ما أغفَلوه من القرآن ، أعظم مما أدركوه ، وما أخفوه أكثر مما كشفوه ، وأعلم أني لم ولن أدرك الحق كل الحق ، لكنني مددتُ آفاقي لإدراكه ، وأعتقد أني لــــمستُ الكثير مـــن بــهاءه ، فإن لــم يــــكن …
.... فــــيقيناً إنـي تخلصـتُ مــن كـــلّ الأباطيل...
............................................................................................................
المحامي .علاء الصائغ آل مرعب / سانت لويس / الولايات المتحدة /2012
المُــــــــــــقدّمة
أيلولة الإسلام للسقوط ، فالإسلام على جرفٍ هار ، منذ أن ذاق آدم الشجرة ، ثم أكلها ، حتى أزلّه الشيطان عنها ، ومنذ أن قتلَ قابيلُ هابيلَ ، أو ذبحوا ناقة صالح ، أو عبدوا الثورَ ثمَّ البقرة ، وجعلوا لله صاحبةً وأولاداً ، فالإسلام دين الله الأزليّ ، أنزله على آدم كما أنزله على محمد (صلّوآله) ولا تظننَّ أنك ولدتَ مسلماً لكرامةٍ وجدها الله فيك وفيَّ ، ولم يولد غيري وغيرك مسلماً لخساسةٍ فيه ، فنكون كإبليس استكبارا عـــــــلى العالمين ، وعلينا كــــــــــــــــمسلمين مهمة أعظم من كل البشر ، ألا وهي أن ندعوا الآخرين لديننا ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، فنحن على درب الحساب ، لا على درب الثواب ، ولم يشرفنا الله بالإسلام دون البرية ، إنما امتحننا به ، أنشكر أم نكفر ، ونحوزه ونخصّه لنا ، أم ننشره لكل البرية ، كما نشره المصطفى وآله فينا ، فاليهود والنصارى ما جعلوا أنبياءهم أبناء الله حاشاه ، حبا في أنبيائهم ، بل ليستحوذوا على الدين ويرثوه ، فيكون نبيهم الحق وغيره على الباطل ،
ولستُ أنا الذي ينتظرني ربي سبحانه لأنقذَ له كتابه الكريم حاشاه ، ولا أنا أرتقي عمّن سبقني من أهل العلوم والبلاغةِ منذُ القِدَم ، والذين تركوا مفاهيمَ الآياتِ كما هي ، ولا أعني مؤكداً ما بيّنه رسول الهدى من آيات ، فهذه محنة المسلمين الحقيقية ، لأنّ ما جاء به الرسول من تفسيرٍ ، يُزيدنا نوراً على نور ، أمّا ما لم يصلنا منه ، فهنّ اللواتي مُزّق الإسلام بفقدهنّ وتداعى بخسارتهنّ ، لأن من سبقنا اكترث بالزكاة والجزية والهدي والأنفال ، لأجل خزائن الدولة ، و من ثمّ حُكم الجارية وحيض الحرائر والنفاس ، مما دعاهم للاعتراف بالروايات اليهوديّة و من ثمّ الآراء الأعجميّة ، لسد هذا العوز ، حتى جاء المُحْدِثون يتحدّثون كلّ على هواه ، فعن قضية شجرة آدم ، ترى الغني قال عنها إنّها التفاحةُ ، و الفقير قال إنها الحنطة ، و إن كانت الحنطة نبتةً ، فهو من جوعهِ يفكّر في الحنطة ، وهذا ما كشفه لنا عن نفسه ، إذ يبيع أحدهم الجنّة بتفّاحةٍ ، والثاني بقليلٍ من الحنطة (1) ،
لذا فإني أدعو لإيقاف هذه المهزلة ، والكفّ عن الإساءة إلى القرآن ، بتفسير كل الآيات ، التي لم يأتِ تفسيرها عنه صلواتُ الله عليه وعلى آلهِ ، بما يساوي قدر كلماتِ الله من عظمةٍ ، إضافة لتفعيل علوم القرآن ، كلّما تطورنا بفهمنا و إدراكنا لها ، و لنأخذ بعض الأمثلة قبل أن نتناول ذلك في البحث : من الصعب أن يقتنع العرب بالغيب ...
( الله ، الملائكة ، الجنة ، النار ، يوم القيامة ، البعث … ) مع ذلك فليس هذا من المستحيل ، فهم على درايةٍ بالألوهيّة دون الربوبيّة والنبوّة ، ولأن الأديان السابقة مهّدة لهم ذلك ، أمّا أن تقنعه بأن الأرض كرويّة ، وهو يراها بأمّ عينه إنها منبسطة ومستوية ، فهو المستحيل بعينه ، وليومنا هذا هناك من لم يصدّق ، بل كفّرَ القائل بكرويّتها ، وهو ذات النهج الذي وقع فيه من قبلنا أرباب الأديان وأصحاب الكتب السماوية ،
أمّا ارباب ديننا فقد فسّروا كل آيات القرآن التي جاءت عن الأرض بمعنى انبساطها ، كــ( دحاها وطحاها ) فدحا بمعنى جعلها كروية ، لأن الدحّيّة هي البيضة ، و طحاها بمعنى جعلها في فلكٍ دائر كدوران الطاحونة اليدوية ، لاحظ كيف ..... وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ....
ترى كل الآيات تتحدث عن الدوران والتعاقب بين الشمس والقمر والنهار والليل ، وربط بناء السماء مع طحي الأرض ، دلالةً عن إن بناء السماء والأرض ، كله على أساس دوران الطاحونة اليدوية ، وهذا ما يفهمونه سابقاً من أمثال ، وما يستخدمونه من مصطلحات ،لكن الآباء أبداً لن يعقلوا عكس ما يرونه ، فكيف يقال لهم إنها كروية وهم يرونها منبسطة ، وكيف يقال لهم إنها تدور وهم يرونها ثابتةً ، وتمعن قوله تعالى ....
{ وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماءِ ماءً فاسقيناكموه } سورة الحجر-22
أنظر لعظمة هذه الآية وكل آيات ربي عظيمة ، فقد أجمع المفسرون إن الرياح لواقح للأشجار ، لأن العرب وكل بني المعمورة آن ذاك ، لا يعرفون من مفردة اللواقح غير تلقيح الأشجار بالأشجار ، أو دفع الرياح للسحب (2) ، لكنه تعالى تحدث عن كيفية نزول المطر ، ولم يتحدث عن الثمار ، أي تلقيح السحاب الموجب بالسالب لهطول المطر ، عين ما نعرفه الآن من تلاقح السحاب ببعضها فينبثق البرق والرعد ، ولو أنهم فعّلوا الآيات ببعضها ، كما جاء في وصف ذلك في {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} سورة الروم/48
فهم يشطرون حتى الآية الواحدة عن بعضها البعض كي يتسنى لهم تركيبها وفق ما يتطلعون ،
الآن وكلما اكتشفنا معلومة جديدة دلّنا عليها القرآن نبتهج ونهلل ، فلِمَ لا نكتشف العلمَ بعظمة القرآن ، قبل أن نكتشف عظمة القرآن بالعلم ، هذه آية من مائتين آيةٍ وأكثر ، سوف أحملها لك في هذه السلسلة ، وأنا على يقينٍ أن الرسول الكريم ، كان يعلم بكل هذا ويزيد ، من علومنا واكتشافاتنا ، لكن المشكلة ذات المشكلة ، وهي تفهّم الآخرين لها ، كما جاء في حديثٍ نسب له (صلّوآله) { نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ، ونكلّم الناس على قدر عقولهم } (3) .... أمّا أن تفاتحني بالآية التي ذكرت أن الرسول لا يعلم الغيب ....
{ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ } فالملائكة أيضاً قالت سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ، فجل جلاله هو خالق العلم ، ومن يقول أني أعلم الغيب من دون الله كمن يقول أقوم و أقعد بحَولي لا بحول الله (أستغفر الله) ، ثمّ من ذا الذي يدعي أن الرسول لم يستكثر من الخير (4) ، لقد استكثر الخير حتى لم يعادله من خلق الله من أحدٍ أبدا ، وهو بذلك عَلِمَ الغيبَ وغيبَ الغيبِ ،
لذا ما أروم إليه هو الرقي بالآية ، ليكون التفسير بمستوى عظمة كلام الرب ، فإلامَ سادتي وعلام كل هذا التكاسل ، ألا يعنينا قوله تعالى {أفلا يتدبرون القرآن} التي خاطب بها كل المنافقين والمشركين في الجاهلية ، أَوَ لا نخاطب بها أنفسنا … ،
وقوله تعالى { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } فهل عقلنا آياته ، وقوله صلى الله عليه وآله ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ) ، أمَا عليّ وعلى كلّ من يرى دفعاً للشبهات ، أن يكتب بيده ما يغيّر المنكر مما يدّعوه ، ويشافه العالم بالحقيقة ، وإن ظننتَ إن تغيير المنكر بالضرب ، و تقويمَ المعوج بالعصا ، فأنت مازلتَ عند قريش .
كيف نرى عظمة ما أنزله سبحانه من بيان ، ثم نرى من يمتعض من آيةٍ وأخرى ، ويجعلهن مأخذاً على الدين كله ، هذا هو حقاً ما كاشفنا به جل جلاله بقوله
{ وقال الرسول يا ربّ إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا } ... فلماذا لا نكاشف أنفسنا بما كان فينا من سوء ، وكل بني البشر حتى وقتٍ قريب جداً ، كانوا يضربون النساء ، ويحتقرون الفقير ويبيعون الرقيق ، وكتاب الله حارب كل هذا منذ أن فرضه الله تعالى ، وأول من خالفه قابيل ، إذ استخدم يده لتحقيق مراده ،
أوروبا وأمريكا كشفت لأبنائها ، وتحدّثت لهم عن جرائمها و الهمجيات التي أثارت الحروب ، وحين تتحدث عن العرب الأوائل وكيف يُغيْرُ بعضهم على جاره للنهب والاسترقاق ، يخرجون لك حصان حاتم الطائي الذي ذبحَه للضيف لترى كَرَمَ العرب وسخاءَهم ،
وأرانا لو وقفنا على مثالِبنا في فهم القرآن الكريم ، كما يجب أن يُفهم ، لخير من الخوض المطوّل والمفصّل في أسباب نشوئها ، ويبقى الحديث الأشدّ مرارة ، أن الساعي للتقرّب إلى الإسلام ، يلتقي بشخصياتٍ أقرب للشيطان من سماحة الرحمن ، هذا الذي يحرّم وهذا الذي يكفّر ، حتى ترى الكثير من المسلمين انجرفوا للمسيحية ، لما فيها من إباحية وحريةٍ لا تنالها حتى حيوانات الغاب ، فإذا كان هذا الانجراف سببه هواه ، فخيراً فعل ، لأن الإسلام ليس بحاجة للهوائيين أمثاله ، و أما إن كان انجرافه بسبب بعض المتعصبين و المغالين في الدين ، فلسوف يدفع أولئك الثمن كفلين من العذاب ،
و بخصوص علوم القرآن فلا يمكن اتهام العرب الأوائل بالجاهلية دون الشعوب الأخرى ، لأنهم كبقية شعوب العالم ، كانت علومهم تقتصر على ما يرونه حولهم من الظواهر الطبيعية ، إنما الجهل فينا نحن ، الذين بقينا على ما فهمه الأوائل ، وحين ترى إن إبليس دخل الجنّة ليوسوس لآدم ، فأنت ما زلت في العصر الآشوري ، وإن تكن على مقربةٍ من القرآن ستجد إن هناك من الآيات من احتلتها الجاهلية ، وبقينا ندافع عن احتلالهم هذا كما سنوضح ، وآيات أخرى احتلتها اليهودية ، برواياتهم وأساطيرهم عن النشأة الأولى ، وما زلنا نؤمن بها ونروّج لمفاهيمها ، و بعد أن انتشرت العلوم ، وبات الكثير من الناس يتطلعون لكشف الغموض عن النصوص القرآنية ، عادوا لإعلان شعاراتهم القديمة ، ملاذ البهائم وسبيل الأنعام ، ( علوم لا تنفع من علم بها و لا تضر من جهل بها )
أو ( لو أراد الله لنا العلم بها لما جعلها مبهمة ) (5) ...
لقد أجابكم الله عن قولكم هذا وإنما تعمى القلوب التي في الصدور ، فقد قال تعالى
{ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ } سورة ص
فالمبهم والغامض ، هو العظيم من الأنباء والأسرار ، والعلوم التي لا تنفع ولا تضر ، هي التي لم يرد ذكرها في القرآن مطلقاً ، كقولهم عن أسماء ذرية إبليس ، وإنه كان يسكن في حي اسمه جني ، والكثير الكثير مما أورده ابن كثير في البداية والنهاية ( باب خلق آدم ) ، وباقي المفسرين ، الذين نقلوا تلك الروايات من التوراة ، وأضافوا عليها اقتراحاتهم ووجهة نظرهم ، و للوصول لهذا النبأ العظيم ، ومن ثم العلم الخاص بخلافة الأرض ، فإننا سنمر في هذا الكتاب بكل الشبهات التي ستقف لاحقا في طريقنا ، حتى مفهوم كلمة ضرب التي سنتناولها في مبحثين ، وأول ورقة بحثية كتبتُها في كل هذه السلسلة ، بأجزائها وأبوابها وملاحقها ، كانت خلاصة البحث الجنائي لجريمة ، هابيل وقابيل ، راجع الصفحة (132) ، فكتبتُ إليك ما كتبتُ ، وعلمتُ إن لكل باحثٍ ، ومن مختلف العلوم والفنون ، مسؤولية التفكر والتبصر لهذا الكلم العظيم ، والدين ليس بحاجة لشكليات الملبس والوجوه ، ولا عناوين التخصص ، بل لمدارك العقل وثبات الإيمان ، وبعد إصدار كتاب حقيقة آدم والخليفة القادم ، ولكونه بحث مطوّل ، أفردنا هذا الكتاب ، للوصول في ما لاح لنا من مفاهيم ، من الصعب تقبلها قبل الوقوف عليها ، والشبهات التي أدت لتلك الاعتقادات ، و لدراسة تلك الشبهات ، اخترنا دراستها في محورين . المحور الأول - أصل الشبهات
المحور الثاني - فروع الشبهات .
المحور الأول
أصل الشبهات
الأسباب الرئيسية لنشوء الشبهات هما الغموض والانحراف، فالقاضي لا يُحيد عن مسارهِ ، إلا لسببين ،
أولهما و أهمها ، عدم وضوح النصوص .
وثانيهما و العنهما ، اِنحرافه عن مسار الحق .
فالوضوح لا يخلق الاشتباه ، والقرآن دون الكتب السّماويّة التي سبقته ، شملَ على آياتٍ غامضةٍ تعمّد الله(جل جلاله) هذا الغموض ، أي من أسباب نشوء الشبهات هو غموض النصوص ، التي كان له أسباب أخرى لنشوئه ، أما انحراف التفسير ، فهي الآيات التي غالطوا فهمها أو تعمدوا فهمها بصورة خاطئة ، وهي أمّا من احتلال طباع الجاهلية لبعض الآيات ، أو احتلال اليهود والأعاجم لآياتٍ أخرى ، والجدير بالذكر إن بعض الآيات التي احتلتها طباع الجاهلية ، أيضاً كانت ضمن مخططات اليهود في الوصول لفهمها بتلك الشبهة ، فمن أهم ما حَرُص عليه اليهود بعد البعثة الشريفة ، أن لا يأتي القرآن بأي معلومة تسفّه ما توصّلوا له من تفاسير لكتابهم ، أو تجعله في المرتبة الثانية بعد القرآن بغزارة المعلومات ، وتفصيل الأحداث والروايات ، لذا ترى كتابهم انتفخ المرة الأولى ، بعد أن أضافوا عليه ما جاء في الإنجيل من أنباء وعلوم ، ثم زادوا عليه ما جاء في القرآن فانتفخ الثانية ، وسنتطرق الآن لكل ذلك بالتفصيل .
المطلب الأول / غموض النصوص القرآنية .
المطلب الثاني / آياتٌ احتلتها الجاهلية واليهود والأعاجم .
المطلب الأوّل
غموض النصوص القرآنية
(غموض الكلمات والآيات والنصوص)
ذكرنا آنفاً ، أنه سبحانه وتعالى قد قصد الغموض في بعضٍ من آيات القرآن ، فلماذا ، وبدايةً سنعطي مثالا مع الفارق الكبير طبعاً ، ولكن لأجل التوضيح ليس إلاّ ،
فنقول ...
هل أن قضية الغموض الذي قصده الله(جل جلاله)، تشابهُ ما نسميه بمدرسة الفن للفن ، أي لا يَفهم الفنّ إلا أهل الفن ، أم الفن للناس ، أي يفهمه كل الناس ، وسوف نعرف الآن ، ما هو الجواب من خلال البحث في أسباب الغموض وأشكاله